التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة البروج

صفحة 446 - الجزء 7

  عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ٧ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ٨ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ


  تسمى كل نار التهبت، والعرب فلا يسمون النار وقوداً إلا عند التهابها واضطرامها، وذلك معروف في لسان العرب عند خواصها وعوامها» انتهى، أما (صاحب الكشاف) فقال: «وصف لها بأنها نار عظيمة لها ما يرتفع به لهبها من الحطب الكثير وأبدان الناس» انتهى.

  (٦ - ٧) {إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ۝ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} {إِذْ} ظرف إما لقتل، وإما بمعنى: اذكر كما في كثير من القرآن الكريم، والأقرب عندي - والله أعلم - أن جواب القسم حذف، وأغنى عنه ذكر هذه القصة؛ لأنها دليل على أنه لابد من الجزاء، ولولا أن اللّه يعذبهم لما مكنهم من تعذيب أوليائه، ولأن ذكر القصة يجر إلى ذكر الجزاء، ولذلك يقول محمد بن القاسم @: «وأي أمر أعظم من أن يكون من كفر وأجرم قاعداً على أخدود من وقود النار يحرق فيها أولياء اللّه المؤمنين الأبرار، فيمهلهم اللّه سبحانه في حياة الدنيا مدة يسيرة، ويستدرجهم فيؤخرهم أياماً قصيرة، ثم يعاقبهم بما فعلوا بالمؤمنين أشد العقوبة في الآخرة، فيدخلهم نار جهنم خالدين فيها أبداً، ويحرقهم بحريق جهنم تحريقاً دائماً سرمداً، بقدرته سبحانه عليهم، ولما أعد اللّه لهم من العذاب في الآخرة الذي يخزيهم ويعطي اللّه المؤمنين من جزيل مثوبته والقول [لعل الأصل: والفوز] الدائم والخلد في جنته أكثر مما يتمنون» انتهى.

  فظهر: أن القصة قامت مقام القسم: إن عذاب ربك لواقع، أو نحو هذا، ومعنى: {شُهُودٌ} حاضرون مشاهدون.