سورة البروج
  شَيْءٍ شَهِيدٌ ٩ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ١٠ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
  (٨) {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} في (مفردات الراغب): «نقمت الشيء، ونقمته: إذا نكرته إما باللسان وإما بالعقوبة» انتهى، أي ما نقم {أَصْحَابُ الأُخْدُودِ} من المؤمنين والمؤمنات إلا إيمانهم الذي ثبتوا عليه وأبوا أن يتحولوا عنه؛ لوثوقهم به أنه {الْعَزِيزِ} الغالب {الْحَمِيدِ} الذي لا يضيع أجرهم فهم ينتقم لهم ممن ظلمهم.
  (٩) {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} فهو أحق أن يطيعوه، وليس لأصحاب الأخدود حق في أن يتركوا الإيمان بالله، فهم معتدون بتحريقهم {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} فلا مجال لأعداء اللّه من عقابه؛ لأن الشاهد هو الحاكم.
  (١٠) {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ} الذين عذبوهم ثم لم يتوبوا؛ لأن لا يقنط الذين أسرفوا على أنفسهم، فهذه الجريمة النكراء قد فتح لهم باب التوبة إن كانوا تابوا، وليس في الكلام إشارة إلى أنهم تابوا، بل يشير إلى أنهم لم يتوبوا كلهم أو بعضهم، و {عَذَابُ جَهَنَّمَ} يشتمل على أنواع من العذاب، فصح عطف {عَذَابُ الْحَرِيقِ} عليه عطف الخاص على العام.
  وقد اختلف في {أَصْحَابُ الأُخْدُودِ} والأقرب: أنهم الذين حرقوا المؤمنين في (نجران) لأن في (نجران) موضعاً يقال له: الأخدود إلى الآن، وذلك يؤيد الرواية أنهم هم، والقصة في (الكشاف) بلفظ: «وقيل: وقع إلى (نجران) رجل ممن كان على دين عيسى # فدعاهم فأجابوه، فسار إليهم ذو نواس اليهودي بجنود من حمير، فخيرهم بين النار واليهودية فأبوا، فأحرق منهم اثني عشر ألفاً في الأخاديد، وقيل: سبعين ألفاً» انتهى.