التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الطارق

صفحة 456 - الجزء 7

  


  وأما {الصَّدْعِ} فهو الشق، وقد قال تعالى: {ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا ۝ فَأَنْبَتْنَا ..} الآية [عبس: ٢٦ - ٢٧] وهذه آية عظيمة، فتفسير الصدع به قريب؛ لأنه معنى حقيقي معهود بل هو الراجح.

  (١٣ - ١٤) {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ۝ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} هذا جواب القسم، والضمير للقرآن، وفي (تفسير محمد بن القاسم #): «يقول سبحانه: هذا وما جاء به من الخبر في هذه السورة وما أخبر به من وحيه في جميع السور {لَقَوْلٌ فَصْلٌ ۝ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} والفصل - والله أعلم - فهو الفرقان والبرهان الفاصل بين قوة الحق وضعف الباطل، والهزل من الأخبار فهو الزور» انتهى.

  قلت: تفسير (الهزل) بالزور من التطبيق، وهو الحاصل من المعنى؛ لأنه مقابل (الفصل) والهزل مقابل الجد، وهو كلام لا يراد به معناه، وفي الحديث: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والعتاق» أو كما قال ÷.

  فلما كان الهزل لا فائدة له ولا معنى مقصوداً كان كلاماً ضائعاً مهملاً في العرف، فهو نوع من الباطل لأنه لا يعمل به، فلو استعمل في الوعد والوعيد وليس جداً ولا مقصوداً لأنه عندهم غير واقع لكان من الزور كالمزح بكلمة الكفر.

  (١٥ - ١٦) {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ۝ وَأَكِيدُ كَيْدًا} بالتكذيب بالقرآن، يحتالون لإبطال الرسالة واستمرارهم في الباطل، أو بأي مكيدة يدبرونها، قال تعالى: {وَتَاللَّهِ لاَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ}⁣[الأنبياء: ٥٧] وقال تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ}⁣[المرسلات: ٣٩] وأكيدهم كيداً بالإنعام عليهم والإملاء لهم والإمهال، قال تعالى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}⁣[الأعراف: ١٨٣].