التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الغاشية

صفحة 470 - الجزء 7

  لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ ٩ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ١٠ لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً ١١ فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ ١٢ فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ ١٣ وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ ١٤ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ


  فظهر: أن (الضريع) سمي ضريعاً باعتبار صفته، وعلى هذا فهو الزقوم الذي قال اللّه تعالى فيه: {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ۝ طَعَامُ الأَثِيمِ}⁣[الدخان: ٤٣ - ٤٤] وصف هاهنا بهذه الصفة.

  (٧) {لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} {لَا يُغْنِي} لا يدفع شيئاً {مِنْ جُوعٍ} ولا قليلاً.

  (٨ - ٩) {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ ۝ لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ} {وُجُوهٌ} يومئذ تغشى الغاشية، والناعمة الحسنة اللون ذات النعومة واللين {لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ} {لِسَعْيِهَا} في الدنيا وما صبرت عليه من عناء التكاليف، كمشاق الجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصوم، والحج ... وغير ذلك {رَاضِيَةٌ} رضيت به لما رأت من ثوابه، والرضى: ضد الكراهة، فرضيت لنفسها ذلك السعي كما رضيته في الدنيا، إلا أنها في الآخرة أرضى لمشاهدة الثواب وانقطاع العناء.

  (١٠) {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} {عَالِيَةٍ} رفيعة، وعلوها إما بمعنى: أنها ليست كبعض جنات الدنيا التي تكون في الأودية حيث الحر والوبا، بل هي مناكب وظهور كما في الحديث أنها قيعان، وإما بمعنى: علو الشجر وسموها في الجوّ وهذا أقرب، كقوله تعالى: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ۝ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ}⁣[الحاقة: ٢٢ - ٢٣].

  (١١) {لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً} ليس فيها لغو من الكلام، كالفحش والسب واللعن والغيبة والنميمة والكذب، فلا تسمع نفس {لَاغِيَةً} بشيء من اللغو.