التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الشمس

صفحة 501 - الجزء 7

سورة الشمس

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ١ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ٢ وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ٣ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ٤ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ٥ وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ٦ وَنَفْسٍ


  (١ - ٢) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ۝ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ۝ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} هنا قسم بالشمس؛ لأنها من آيات اللّه العظمى في خلقها وتنقلها في منازلها وثباتها على حالها مع طول الزمان {وَضُحَاهَا} ضوءها بعد ارتفاعها في السماء حين يخرج الناس لمعاشهم ويبدءون في أعمالهم، فهو آية في نفسه ولما جعل اللّه فيه من النعمة وإتيانه وذهابه كل يوم.

  {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} إذا تلى الشمس جاء وراءها حين يطلع من المشرق عند غروبها متصلاً نوره بنورها، هكذا فسره الإمام القاسم #، وذلك عند تمام القمر، فهو قريب من قوله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا}.

  ويحتمل: إذا تلاها في الغروب أول الشهر مستمر لا يتخلف، يتقاربان في رأي العين كأنهما في منزلة واحدة بعد افتراقهما في بقية الشهر، فيجتمعان ثم يجري القمر في منازل الصيف والشتاء منزلة منزلة، كل ليلة منزلة ويوافي منزلة الشمس عند أول الشهر الثاني، فهذا النظام العجيب آية تدل على مقدر لسيرهما مدبر لشأنهما بقدرته وعلمه.

  (٣) {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا} جلى الجهة من الأرض لأهلها لينتشروا لمعاشهم، وقد جاء عود الضمير إلى غير مذكور في القرآن، قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ۝ فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا}⁣[طه: ١٠٥ - ١٠٦] وقال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}⁣[فاطر: ٤٥].