التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الشمس

صفحة 504 - الجزء 7

  


  {فَقَالَ} لأشقى ثمود: {نَاقَةَ اللَّهِ} احذروا ناقة اللّه {وَسُقْيَاهَا} لا تمسوها بسوء ولا تمنعوها سقياها، أولا تذهبوا سقياها الذي هو آية أي لبنها {فَكَذَّبُوهُ} في تحذيرهم ناقة اللّه وسقياها، واعتبروه غير محذور {فَعَقَرُوهَا} عقروا الناقة أي قتلوها.

  {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا} اختلفوا في تفسير (دمدم) فقيل: أرجف، وقيل: غضب، وقيل: أطلق عليهم العذاب، قال في (لسان العرب): «إلا أن أكثر المفسرين قالوا في (دمدم عليهم): أي أرجف الأرض بهم. قال أبو إسحاق: معنى (دمدم عليهم): أي أطبق عليهم العذاب، يقال: دمدمت على الشيء أي أطبقت عليه، وكذلك دممت عليه القبر وما أشبهه، ويقال للشيء يدفن: قد دمدمت عليه أي سويت عليه، وكذلك يقال: ناقة مدمومة قد ألبسها الشحم، فإذا كررت الإطباق. قلت: دمدمت عليه» انتهى.

  وقوله: أي سويت عليه، صواب العبارة: أي أطبقت عليه، وأرجح الأقوال: أنه أطبق عليهم الخراب بالرجفة، قال تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}⁣[الأعراف: ٧٨] وفي آية: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ۝ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا ..}⁣[هود: ٦٧ - ٦٨] وقوله تعالى: {فَسَوَّاهَا} أي فسوى ثمود كلها أدناها وأقصاها وكبيرها وصغيرها أي عمها بالعذاب والدمدمة، كقوله تعالى: {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ}⁣[الأنفال: ٥٨].

  (١٥) {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} عقبى هذه البطشة والدمدمة والتسوية، قال سيد قطب: «سبحانه وتعالى ومن ذا يخاف، وما ذا يخاف، وأنى يخاف، إنما يراد من هذا التعبير لازمه المفهوم منه، فالذي لا يخاف عاقبة ما يفعل يبلغ غاية البطش حين يبطش، وكذلك بطش اللّه {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ}⁣[البروج: ١٢] فهو إيقاع يراد إيحاؤه وظله في النفوس» انتهى.