سورة الليل
سورة الليل
  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
  وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ١ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ٢ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ٣ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ٤ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ٥ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ٦
  (١) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} هذا قسم بآية من آيات اللّه هي {اللَّيْلِ} في أوله عند غشيانه ما {يَغْشَى} من الأرض وما عليها أي يشتمل عليها ويغطيها.
  (٢) {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} تبين وظهر واتضح بعد أن كان غائباً، فهاتان آيتان تدلان على مدبر لمجيء الليل واشتماله على المعمورة، والنهار كذلك وتجليه بعد غيابه في الليل.
  (٣) {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} خالق {الذَّكَرَ} ذكراً {وَالْأُنْثَى} أنثى، كقوله تعالى: {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى}[القيامة: ٣٩] ففي الزوجين آية ودليل على اللّه؛ لأن أصلهما المني، فلماذا كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى، واستمر هذا على مر العصور لم يتخلف ولم تتخلف عوامل الذكورة والأنوثة عن هذه المزاوجة بينهما في كل عصر، إنهما لدليل على خالق زاوج بينهما ليستمر الحيوان المتوالد، ولو انقطع أحدهما لانقطع جنسهما، ولعله - والله أعلم - قدم القسم بالليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى؛ لكونهما آيتين عظيمتين تدلان دلالة سريعة على الآتي بهما، المدبر لهذا الكون وعظما بالقسم بهما لذلك، وعطف قوله تعالى: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} لأنه جار مجرى الاستدلال عليه بهما، فمرجع القسمين واحد، وهو ذكر الدليل على اللّه، وتقديم الدليل على المدلول عليه في الذكر يصح لما فيه من حكمة توجيه الذهن إلى الدليل لينتقل عنه إلى المدلول عليه بيقين.