سورة القارعة
  
  قال الإمام القاسم #: «تأويلها: من ثقل في الوزن بره وإحسانه فسعد بثقله وثقل بعمله» انتهى، وذكر ذلك عن العرب، يعني أن المراد بالثقل: عظم الحسنة في معناها لا ثقل الأجسام، ومنه الحديث: «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب اللّه، وعترتي» وقد أشار إليه الإمام القاسم # في قوله: «وثقل بعمله» انتهى، ولم يذكر في الآية وزن الحسنات، فأما وزن أهلها فقد فسره #، وقوله #: «من ثقل في الوزن بره وإحسانه» يعني به: عظم قدره المعنوي، لا أنه يريد الثقل الذي هو للأحجار وغيرها.
  (٨ - ٩) {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} قال الإمام القاسم #: «فتأويله من خف به فسقه وعداوته» انتهى، فاعتبر خفيفاً لهوانه ونقص قدره، وقد قال تعالى: {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}[الكهف: ١٠٥] ولم يذكر وزن السيئات، فظهر أن المقصود ما ذكره #.
  {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} (أمه) التي يؤمها ويتوجه إليها ويصير إليها، هي نار جهنم سميت {هَاوِيَةٌ} لأن صاحبها يلقى فيها فيهوي فيها مدة حتى يقع، وتسميتها (أماً) كقوله تعالى: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ}[آل عمران: ٧] أي التي يرجع إليها، أو أنه نسب إليها لأنه لا يفارقها، بل تصير له مأوى كما سميت أم الطفل التي ولدته لأنه يأوي إليها، وهذا من التهكم؛ لأن الأم تعطف على ولدها، ونار جهنم تعذب ولدها - نعوذ بالله.
  (١٠ - ١١) {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ} {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} أي ما هي {هَاوِيَةٌ} وبينها تعالى بقوله: {نَارٌ حَامِيَةٌ} وصفت بأنها حامية، فدل ذلك على زيادة حرها؛ لأن النار المعهودة حامية فزاد لها وصفاً يدل على أنها حامية بالنسبة إلى هذه النار.