سورة التكاثر
  
  ويقوّي هذا التفسير ما في (نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين علي # من كلام له # - قاله عند تلاوته: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} -: «يا له مراماً ما أبعده، وزوراً ما أغفله، وخطراً ما أفظعه، لقد استخلوا منهم أي مدكر، وتناوشوهم من مكان بعيد، أفبمصارع آبائهم يفخرون؟ أم بعديد الهلكى يتكاثرون؟ ..» إلخ، وهو كلام نفيس وموعظة بالغة.
  (٣ - ٤) {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} {كَلَّا} زجر للمتكاثرين عن أن يلهيهم التكاثر، وكرر {كَلَّا} وعطف بـ {ثُمَّ} لتقوية الزجر، وتكرار {سَوْفَ تَعْلَمُونَ} لمناسبة فرط غفلتهم، كأنهم يحتاجون إلى إعادة الكلام ليفهموه، ومعنى {سَوْفَ تَعْلَمُونَ} أي سوف تعلمون أمراً عظيماً تندمون لأجله على أن {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} وذلك عند كشف الغطاء يوم القيامة، أو عند حضور الموت.
  (٥ - ٨) {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} {كَلَّا} إعادة للزجر لفرط غفلتهم وليرتب عليه قوله تعالى: لَوْ {تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} ما سترون وعم تسألون وإلى ماذا تصيرون وجواب لو دل عليه السياق أي لعلمتم خطاكم في التهائكم بالتكاثر، ولتركتم الدنيا وآثرتم الإعداد للآخرة {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} وهي المهمة الكبرى الَّتِي هي أحق بأن يشغل الأحياء في هذه الدنيا حياتهم بالفرار منها؛ لأنَّه لا ينفع الفرار منها إلاَّ من فر منها في الدنيا، أما في الآخرة فلا مفر منها بل إنهم عند رؤيتها سيندمون حين لا ينفع الندم.
  {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} {ثُمَّ} {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} رأي العين عن يقين {لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} هذا قسم ليسألنّ يوم إذ يرون جهنم،