سورة الفاتحة
  
  وقال الإمام القاسم #: «{الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} في هذا الموضع هم اليهود، و (الضالون) في هذا الموضع: هم النصارى» وهو # لا يعني: أن اليهود غير ضالين، كيف والله تعالى يقول: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلاَلاً بَعِيدًا}[النساء: ١٦٧] ولا يعني #: أن النصارى غير مغضوب عليهم، كيف وقد شملتهم الآية الأولى {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ}[المائدة: ٦٠] وإنما أراد # في هذا الموضع خاصة الذي هو آخر الفاتحة كما قيد بقوله # في هذا الموضع.
  نعم ... والغضب في المخلوق معروف وهو حالة في النفس تدعو إلى البطش ويريد صاحبه أن يبطش بمن سبّب له، وفي الحديث «أنه جمرة تتوقد في جوف ابن آدم، ألا ترون إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه» والله سبحانه منزّه عن هذا؛ لأنه لا يشبه المخلوقين.
  وفي كلام أمير المؤمنين # في خطبة له # في (التوحيد) وتجمع هذه الخطبة من أصول العلم ما لا تجمعه خطبة غيرها كما قال الرضي ورقمها [٢٢٨] في صفة الله سبحانه: «يريد ولا يضمر، يحب ويرضى من غير رقة، ويبغض ويغضب من غير مشقّة» انتهى.
  والضلال: هو غواية السائر عن الطريق وخفاؤها عليه، هذا إذا قيل ضل عن الطريق أو نحو هذا واستعمل في العدول عن طريق الحق، قال تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}[الممتحنة: ١] ويستعمل الضلال في غير هذا ومرجعه إلى الضياع والغواية، والضالون هنا: المراد بهم الغاوون المخالفون للحق.