التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الفاتحة

صفحة 43 - الجزء 1

  


  فالجواب وبالله التوفيق: أن قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ...} إلى آخرها، يفيد تعيين أهل الصراط فهم رسل الله ومن تبعهم الذين أخلصوا لله العبادة وثبتوا على تقوى الله وطاعته كما أمرهم لم يتعرضوا لغضب الله ولا ضلوا عن سبيل الله وفي تعيينهم فائدة: وهي أنا لم نطلب الهداية للصراط بسبب الحيرة والتباس الطريق كما هو شأن من يسأل عن الطريق ويطلب الهداية إليها بل نحن نعلم أن الصراط المستقيم صراط الله الذي جاءت به الرسل منهم خاتمهم محمد ÷؛ ولكن نسأل الهداية إليه لإصلاح عزمنا وكشف الغفلة وغيرها من الصوارف كما قدمنا.

  وفائدة أخرى وهي الإيمان بالرسل وما جاءوا به من عند الله حيث نجعل هداهم نعمة من الله، ولما كان قوله تعالى: {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} قد يُطمع أهل الكتابين الذين هما نعمة عظمى، مع أنهم خالفوا طريقهما، بيّن: أن الذين أنعم الله عليهم لا هم مغضوب عليهم، ولا هم ضالون، فدل ذلك على أنهم غيرهم.

  {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} أي كاليهود والنصارى ومن كان مثلهم، الذين نزل فيهم قوله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ}⁣[المائدة: ٦٠] ونزل فيهم قول الله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}⁣[المائدة: ٧٧] فالذين أنعم الله عليهم غير مغضوب عليهم ولا ضالين، بل مرضي عنهم مهتدون، وفي هذا دلالة على أن النعمة العظمى هي الهدى، ورضوان الله تعالى وهي فائدة لقوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} مع فائدة تعيينهم وإخراج اليهود والنصارى.