سورة آل عمران
  مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١٨٩ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ١٩٠ الَّذِينَ
  (١٨٩) {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فله الأمر والحكم له وحده لا شريك له، يعذب من يشاء، ويرحم من يشاء، وإليه يرجع أمر المختلفين المذكورين في هذه السورة وغيرهم كله {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فهو الغالب على أمره، له الخلق يخلق ما يشاء فكما خلق آدم من تراب خلق عيسى من غير أب؛ لأنه على كل شيء قدير.
  (١٩٠) {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ} في (مفردات الراغب): «الخلق أصله: التقدير المستقيم» انتهى، ويظهر: أنه المراد هنا، وتقدير السماوات والأرض: جعلها واسعة عظيمة تسع العالمين، وإتقان صنعها لتصلح لهم {وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} هو أن كل واحد يخلف الآخر على الاستمرار بنظام محكم محدد حتى لا يطول أحدهما بحيث يختل حال الناس والشجر والدواب، أو يقصر كذلك، ففي النهار فوائد الشمس والضياء، وفي الليل فوائد توفير الرطوبة والتبريد وراحة النوم حتى يعتدلا وينفعا، فهي نعمة ينبغي أن تشكر وهي كذلك آيات.
  وقوله تعالى: {لآَيَاتٍ} بمعنى دلالات يُهْتَدَى بها، ولم يحدد هاهنا، وإنما يأتي الإشارة إلى وجه واحد من وجوه الدلالة فهي آيات تدل على قدرة الله تعالى وعلمه، وأنه رب كل شيء له الملك لا إله إلا هو كما هو مفصل في علم أصول الدين.
  و (وأولو الألباب) أهل العقول، والمراد هنا: الذين يستعملون عقولهم في طلب الحق، لا من يهمل عقله ويلفق من الشبه ما يحول بينه وبين المعرفة.