سورة آل عمران
  يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ١٩١ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ
  (١٩١) {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} هذه الثلاث الحالات يغفل فيها كثير من الناس فذكرها، ولم يذكر الركوع والسجود فهما مظنة الذكر، فكان المراد يذكرون الله على كل حال، ومن ذلك الذكر في الصلاة من قيام لمن استطاع، وفي القعود لمن استطاع وعجز عن القيام، وعلى جنب لمن عجز عن القيام والقعود، كما جاء في الحديث عن النبي ÷، والجنوب: هي الأضلاع عن يمين الإنسان وشماله، أو الأضلاع وما اختلط بها.
  {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} {وَيَتَفَكَّرُونَ} في صنع الله لهما كيف جعلهما عظيمتين واسعتين للعالمين في صنع قوي محكم، فيعلمون أن الله الحكيم لم يخلق هذا الخلق العظيم إلا لحكمة فهما مقر للعالمين يظهر أن خلقهما من أجلهم، وهم لم يخلقوا عبثاً إنما خلقوا ليعبدوا الله ولكنهم مخيرون في قدرتهم يقدرون على الطاعة والمعصية فمنهم المطيع ومنهم العاصي مع ما يأتيهم من الرسل والكتب ومع ذلك يموت المطيع والعاصي قبل الثواب والعقاب فتبين أن هذا الخلق العظيم العالم والعالمين هو تقدمة للآخرة وأن فيها ثواب المحسن وعقاب المسيء كما أخبرت به الرسل.
  {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} لجأوا إلى الدعاء وسارعوا إليه عند تذكرهم الآخرة وما فيها من النار، فهذه صفة أولي الألباب الذين استعملوها فيما يهديهم فهم يذكرون الله كثيراً