القصاص في جناية المماليك
  وخروجه من مكة إلى المدينة. فقالت لابنيها أبي جهل والحارث ابني هشام: وهما أخوا عياش لأمه: والله لا يظلني سقف بيت، ولا أذوق طعاماً ولا شرابا حتى تأتوني به، فخرجا في طلبه، وخرج معهما الحارث بن زيد بن أبي أنيسة حتى أتوا المدينة، فأتوا عياشا وهو في الجبل، فقالا له: انزل إن أمك لم يؤها سقف بيت بعدك، وقد حلفت أن لا تأكل طعاماً ولا شراباً حتى ترجع إليها، ولك علينا أن لا نكرهك على شيء ولا نحول بينك وبين دينك، فلما ذكروا له أمه، جزع واغتر بقولهما، فأخرجوه من المدينة، ثم أوثقوه فجلده كل منهم مائة جلدة، ثم قدموا به على أمه، فلما أتاها قالت له: والله لا أحلك من وثاقك حتى تكفر بالذي آمنت به، ثم تركوه مطروحا موثقا في الشمس ما شاء الله، ثم أعطاهم الذي أرادوا، فأتاه الحارث بن زيد فقال: يا عياش هذا الذي كنت عليه فوالله لئن كان هدى لقد تركت الهدى، وإن كان ضلالة لقد كنت عليها، فغضب عياش من مقالته، ثم قال: والله لا ألقاك خالياً إلا قتلتك، ثم إن عياشا أسلم بعد ذلك وهاجر إلى رسول الله ÷ بالمدينة، ثم أن الحارث بن زيد أسلم بعد ذلك وهاجر إلى رسول الله ÷ بالمدينة، وعياش لم يكن يومئذ حاضراً، ولم يشعر بإسلامه، فينما عياش يسير بظهر قبا إذ لقي الحارث بن زيد، فلما رآه حمل عليه فقتله، فقال له الناس: ويحك أي شيء صنعت إنه قد أسلم، فرجع عياش إلى رسول الله ÷ فقال: يا رسول الله كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت، وأني لم أشعر بإسلامه حتى قتلته، فنزل جبريل # بالآية: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}[النساء: ٩٢].