باب في الهدى والضلال
  وأما الضلال فعلى وجوه:
  [الأول] منها: الضلال عن الدين: كما قال - تعالى -: {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ}(١)، {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ٨٥}(٢)، وهذا لا يجوز على الله - تعالى -؛ لأن الإضلال عن الدين قبيح، ولأن الله - تعالى - أمرنا بالدين فكيف يجوز من الحكيم أن يأمر بشيء ثم يضل عنه! وقال - تعالى - لنبيه ÷: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي}(٣).
  والثاني: الضلال عن طريق الجنة والثواب: كما قال الله - تعالى -: {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ}(٤)، {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ٢٦}(٥)، يعني عن طريق الجنة والثواب.
  والثالث: الضلال بمعنى الهلاك: كما قال - تعالى -: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ ٤٧}(٦).
  والرابع: بمعنى الواجدان: يعني وجده ضالاً كما قال - تعالى -: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ}(٧)، يعني: علم أنه ضال، وكقول عمرو بن معدي كرب: «قاتلناهم فما أجبناهم، وقاولناهم فما أفحمناهم، وسألناهم فما أبخلناهم»(٨)، أي ما وجدناهم على هذه الصفة.
(١) سورة طه: ٧٩.
(٢) سورة طه: ٨٥.
(٣) سورة سبأ: ٥٠.
(٤) سورة إبراهيم: ٢٧.
(٥) سورة البقرة: ٢٦.
(٦) سورة القمر: ٤٧.
(٧) سورة الجاثية: ٢٣.
(٨) تفسير الماتريدي ج ٧ ص ١٦٤.