الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

باب في الهدى والضلال

صفحة 159 - الجزء 1

  وأما الضلال فعلى وجوه:

  [الأول] منها: الضلال عن الدين: كما قال - تعالى -: {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ}⁣(⁣١)، {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ٨٥}⁣(⁣٢)، وهذا لا يجوز على الله - تعالى -؛ لأن الإضلال عن الدين قبيح، ولأن الله - تعالى - أمرنا بالدين فكيف يجوز من الحكيم أن يأمر بشيء ثم يضل عنه! وقال - تعالى - لنبيه ÷: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي}⁣(⁣٣).

  والثاني: الضلال عن طريق الجنة والثواب: كما قال الله - تعالى -: {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ}⁣(⁣٤)، {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ٢٦}⁣(⁣٥)، يعني عن طريق الجنة والثواب.

  والثالث: الضلال بمعنى الهلاك: كما قال - تعالى -: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ ٤٧}⁣(⁣٦).

  والرابع: بمعنى الواجدان: يعني وجده ضالاً كما قال - تعالى -: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ}⁣(⁣٧)، يعني: علم أنه ضال، وكقول عمرو بن معدي كرب: «قاتلناهم فما أجبناهم، وقاولناهم فما أفحمناهم، وسألناهم فما أبخلناهم»⁣(⁣٨)، أي ما وجدناهم على هذه الصفة.


(١) سورة طه: ٧٩.

(٢) سورة طه: ٨٥.

(٣) سورة سبأ: ٥٠.

(٤) سورة إبراهيم: ٢٧.

(٥) سورة البقرة: ٢٦.

(٦) سورة القمر: ٤٧.

(٧) سورة الجاثية: ٢٣.

(٨) تفسير الماتريدي ج ٧ ص ١٦٤.