باب في الإمامة
  فإذا أمكن حصول المعروف وإزالة المنكر بالقول لم يجز أن يتجاوز إلى الضرب باليد، وإن أمكن باليد لم يجز أن يتجاوز إلى غيره وهو السيف، فإن لم يمكن إلا بالسيف والقتال وجب كما قال الله - تعالى -: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}(١).
  ويعمل في جميع ذلك على غالب ظنه، فإن غلب على ظنه أن لأمره ونهيه تأثير وجب عليه، وإن غلب على ظنه أنه لا تأثير لأمره ونهيه فلا يجب، وإن غلب في ظنه أن المنكر يزيد بإنكاره فيجب أن لا ينكره؛ لأنه لو أنكر لكانت الزيادة من جهته، وإن غلب في ظنه أنه إن أنكر يؤدي إلى قتله وكان في قتله إعزاز للدين جاز أن ينكر، كما فعله الحسين بن علي @، وزيد بن علي @، وقال النبي ÷: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر»(٢)، وإن لم يمكن إنكاره بوجه من الوجوه أنكر بقلبه، ولو قصده ظالم لنفسه أو ماله جاز أن يقاتل، فإن قتل كان جائزاً وإن قُتل كان شهيداً؛ كما قال النبي ÷: «من قتل دون نفسه، ودون ماله - في خبر واحد - فهو شهيد»(٣).
باب في الإمامة
  الكلام في الإمامة له أصول وفروع كثيرة نذكر هاهنا ما لا بد منه:
  فصل: في وجوب الإمامة:
  الخلاف فيها على ثلاثة أوجه:
(١) سورة الحجرات: ٩.
(٢) المعجم الكبير للطبراني ج ١ ص ١٠٧، مسند أحمد بن حنبل ج ٣١ ص ١٢٦.
(٣) مصنف عبدالرزاق الصنعاني ج ١٠ ص ١١٦، مسند الحارث ج ٢ ص ٦٦٠.