باب في صفات الصانع تعالى
  ويلزم على هذا أن يكون علمه - تعالى - محدثاً أو علمنا قديم، وكان علمه لا يتعلق بمعلوم واحد، وكان علمنا(١) يتعلق بجميع المعلومات، وهذا باطل فثبت أنه عالم لذاته.
[الفصل الثاني: في الصفات التي لا تجوز عليه تعالى]:
  وأما الصفات التي لا تجوز عليه - تعالى - ولا يجوز أن يوصف بها فيما لم يزل وفيما لا يزال: فهي ضد هذه الصفات التي ذكرناها وهو: العجز، والجهل، والشك، والظن، والندم، والموت، والآفة، وهذه الصفات لا تجوز على الله - تعالى - لم يزل ولا يزال.
  ويعلم أنه: غني لم يزل ولا يزال ولا تجوز عليه الحاجة؛ لأن الحاجة تتبع النفع والضر، والنفع والضر تتبع الشهوة والنفار، والشهوة والنفار لا يجوزان على الله - تعالى -؛ لأنهما من صفات الأجسام، والله - تعالى - ليس بجسم، فيجب أن يكون غنياً.
  والدليل على أنه - تعالى - ليس بجسم: أنه لو كان جسماً لكان مثلاً للأجسام، ولكان محدثاً كسائر الأجسام وقد ثبت أنه - تعالى - قديم، فلا يجوز أن يكون جسماً، ولأن الجسم يكون قادراً بقدرة، والقادر بالقدرة لا يقدر على فعل الأجسام، فإذا ثبت أنه - تعالى - خالق لجميع الأجسام ثبت أنه ليس بجسم، ولأن الجسم أجزاء مجتمعه مؤلفة، والله - تعالى - لا بعض له ولا جزء فلا يجوز أن يكون جسماً.
  فإن قالوا: نقول إنه جسم بمعنى أنه قائم بنفسه، ومعناه أنه لا يحتاج في وجوده إلى محل ومكان.
  قلنا: (الجسم) في لغة العرب عبارة عن الطويل العريض العميق، فإذا قالوا:
(١) المفترض من كونه قديماً.