الباب الثاني عشر: في بيان مذهب المجبرة
الباب الثاني عشر: في بيان مذهب المجبرة
  يسمون المجبرة، والقدرية، وهم ينفون عن أنفسهم كل ذلك، ويتسَمَّوْن بأهل السنة ولا نسلم لهم ذلك.
  وهذا المذهب ظهر في أيام بني أمية، ابتداؤه كان من معاوية، ثم ازداد بعده حتى كثر، وهم فرق، وأجمعوا أن المعاصي كلها مخلوقة لله - تعالى - وبقضائه وإرادته، منهم:
  الضرارية: وهم أصحاب ضرار بن عمرو(١)، ومما اختص به من بين سائر المجبرة: أن الاستطاعة قبل الفعل وأنها بعض المستطيع، وأن الله - تعالى - يُرى بحاسة سادسة غير الحواس الخمس، وأن الجسم أعراض مجتمعه، إلى غير ذلك من الجهالات.
  والجهمية: أصحاب جهم بن صفوان(٢)، ومما تفرد به: أنه لا فعل للعبد البتة وأن العباد فيما ينسب إليهم كحركة الشجرة إلى الشجرة، والجنة والنار يفنيان، وأن الإيمان هو المعرفة فقط.
  ومنهم النجارية: يقولون: بنفي الرؤية، وبأن القرآن مخلوق، ويقولون بالجبر وبخلق أفعال العباد، ويجوزون تكليف ما لا يطاق.
(١) ضرار بن عمرو الغطفاني، ينسبه البعض إلى المعتزلة مع نفيهم إياه واعتباره من المجبرة كما قال الحاكم، له تصانيف منها: ردود على المعتزلة والخوارج وآراء له، شهد عليه الإمام أحمد بن حنبل عند القاضي سعيد بن عبد الرحمن الجمحي فأفتى بضرب عنقه، فهرب، وقيل: إن يحيى بن خالد البرمكي أخفاه، توفي نحو سنة ١٩٠ هـ. الأعلام ج ٣ ص ٢١٥.
(٢) أبو محرز جهم بن صفوان السمرقندي، رأس الجهمية، كان يقضي في عسكر الحارث بن سريج، الخارج على أمراء خراسان، فقبض عليه نصر بن سيار، فطلب جهم استبقاءه، فقال نصر: (لا تقوم علينا مع اليمانية أكثر مما قمت) وأمر بقتله، فقتل سنة ١٢٨ هـ. الأعلام ج ٢ ص ١٤١.