الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الرابع عشر: في بيان مذهب أهل الحق ورجالهم

صفحة 101 - الجزء 1

الباب الرابع عشر: في بيان مذهب أهل الحق ورجالهم

  هم الذين أقاموا على دين النبي ÷ وأهل بيته وأصحابه، واجتنبوا البدع.

  إذا صح أن هذه المذاهب التي ذكرناها كلها محدثة بدعة لم يبق إلا مذهب واحد وهو مذهب رسول الله ÷ ومذهب أهل بيته وأصحابه، وتفصيله يكون موافقاً للجملة التي ذكرناها؛ لأنه إذا صح من دين الرسول ÷ أن الله واحد لا مثل له ولا شبيه فإذا قال أهل الحق: إنه ليس بجسم، ولا جوهر، ولا عرض، ولا تجوز عليه الجوارح والأعضاء، ولا قديم معه سواه، وأنه موجود فيما لم يزل ولا يزال، وأنه قادر لم يزل ولا يزال، يكون تفصيله موافقاً لتلك الجملة.

  فإذا قلنا: إنه - تعالى - لا يُدرك بشيء من الحواس باللمس، والسمع، والبصر، والشم، والذوق، نزهناه من ذلك، ونفينا عنه المكان والجهة، وهذا التفصيل يكون موافقاً لتلك الجملة.

  وإذا قلنا: لا تجوز عليه الجوارح والأعضاء لا يكون مناقضاً للجملة.

  وإذا قلنا: إن عبادة الصنم، والكفر، وسوء الثناء على الله - تعالى -، وقتل النفس بغير الحق مثل قتل الرسل والأئمة والأولياء ليس من خلق الله وقضائه وإرادته، ولا يجوز أن يعاقب أحداً بغير جرم، ولا يأخذ أحداً بذنب غيره، ولا يكلف أحداً ما لا يطيق، وإذا كلّف يثيب من أطاعه بالثواب الجزيل، ويعاقب العصاة؛ لأنه حسن في الحكمة، وهذا كله يوافق الجملة، وما قاله مخالفونا سفه ومخالف للأصل ومعلوم من دين الرسول ÷ أن الله - تعالى - حكيم محسن، وقولنا وتفصيلنا يوافق تلك الجملة.

  وإذا قلنا: وعد الله - تعالى - ووعيده صدق، ولا يجوز خلاف ما وعد وأوعد،