الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

باب الوعد والوعيد

صفحة 166 - الجزء 1

  وأنه ÷ كان رسولاً إلى كافة الإنس والجن، وأن شريعته لا تنسخ إلى يوم القيامة، وأنه خاتم النبيين وسيد الأنبياء، وأهل بيته أفضل أهل بيت، وأنه كان معصوماً من الكبائر، وأنه بلّغ الشريعة وأتم، وبيّن كما أمره الله - تعالى - وما قصّر، وجاهد في الله حق جهاده في أداء الشريعة، وعبد الله حتى أتاه اليقين، فصلوات الله عليه وعلى أهل بيته الطاهرين.

باب الوعد والوعيد

  إذا ثبت أن النبي ÷ كان صادقاً فيما أخبر به عن الله، فيجب القطع على أن ما أخبر به عن الله - تعالى - من الوعد والوعيد حق، فإذا ثبت ذلك ثبت أن ما أخبر به من أنه - تعالى - يثيب المطيعين في الجنة، ويعاقب العاصين في النار، فإنه كائن لا محالة، ولا يجوز أن يقع في شيء من خبر الله - تعالى - ولا خبر رسوله خلف ولا تبديل؛ قال الله - تعالى -: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٢٩}⁣(⁣١).

  والأصل في الوعد والوعيد: هو أن يعلم أن الثواب والعقاب مستحقان على أفعال المكلفين، وأن أفعالهم على ثلاثة أوجهٍ: طاعة، ومعصية، ومباح.

  فأما المباح: فلا مدخل له في التكليف، ولا يستحق به الثواب والعقاب، والمدح والذم.

  والثاني: الطاعة: فيستحق بها المدح والثواب، إلا أن يكون هناك مانع من الندامة على فعلها أو معصية أكبر منها.

  والثالث: المعصية: التي يستحق الذم والعقاب بفعلها، إلا أن يمنع منه مانع من توبة أو طاعة أكبر منها.


(١) سورة ق: ٢٩.