باب أحكام الآخرة
باب أحكام الآخرة
  في هذا الباب مسائل تعرف من دين النبي ÷ ضرورة، ومنها ما يعرف بالاستدلال، ومنها ما روي بالآحاد، منها عذاب القبر للعصاة، وثوابه للمؤمنين؛ وهذا ظاهر قال النبي ÷: «القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار»(١)، وسؤال مُنكر ونَكِير روي عن النبي ÷ وهو جائز لا مانع منه(٢)، والبعث والنشور يوم القيامة والحشر والحساب معلوم من دين الرسول ÷، وقراءة الكتاب والقرآن ناطق به، والصراط، والميزان، وإدخال المؤمنين في الجنة والعاصين في النار، ونعيم الجنة من المآكل، والمشارب، واللباس، وحور العين، والأشجار، والأنهار، والمنازل، والقصور، من أنواع الملاذ التي خلق الله في الدنيا من جنسها، وجميع أسباب السرور التي وعدها الله - تعالى - المؤمنين في القرآن يجب حصولها في الجنة كما قال - تعالى -: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٧}(٣)، وقال النبي ÷: «إن في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت،
(١) المعجم الأوسط للطبراني ج ٨ ص ٢٧٣، الأمالي الخميسية ج ٢ ص ٤٢٨.
(٢) قال الإمام عز الدين بن الحسن: «اعلم أن الأكثر أجازوا دخول الملكين القبر لسؤال الميت بعد إحيائه عن ربه ودينه ونبيه، وقضوا بذلك لما ورد من الأدلة النقلية عليه فإن كان الميت من المثابين وفق للجواب، فيؤنسانه بعد ذلك ويبشرانه بما أعد له من النعيم الدائم، وإن كان من المعاقبين أنعقد لسانه وتحير في الجواب فيهددانه ويعدانه ويوقعان الحسرة في قلبه والغم لما فاته من جزيل الثواب وما أعد له من عظيم العقاب، وخالف في ذلك البستي وضرار بن عمرو فذهبا إلى أنه لا يجوز دخول الملكين على الصفة المذكورة ولعلهما بنيا ذلك على نفي عذاب القبر فإن هذا من فروعه ومن نفاه نفا سؤال الملكين المذكورين. وقال الإمام يحيى بن حمزة: وممن أنكر أمر الملكين وما ورد فيهما الشيخ أبو القاسم البلخي». المعراج إلى كشف أسرار المنهاج ج ٣ ص ٥٤٢ - ٥٤٣.
(٣) سورة السجدة: ١٧.