باب في القضاء والقدر
  والثالث: القضاء بمعنى الإخبار والإعلام: كقوله - تعالى -: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ}(١)، يعني: أخبرناهم وأعلمناهم، فبهذا المعنى جميع المعلومات بقضائه.
  وأما القدر: أيضاً فعلى ثلاثة أوجه:
  [الأول]: بمعنى الخلق: كقوله - تعالى -: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}(٢)، يعني في الجبال، يعني: خلق فيها.
  والثاني: بمعنى الإعلام: كقوله - تعالى -: {إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ ٦٠}(٣)، يعني: امرأة لوط أعلمنا وأخبرنا إنها لمن الهالكين مع من هلك من قومه، فبهذا المعنى جميع الأشياء بقدر الله - تعالى -.
  والثالث: بمعنى البيان والكتابة: كقول الشاعر:
  واعلم بأنَّ ذا الجلال قد قَدَرْ ... في الصُّحفِ الأولى التي كان سَطَرْ(٤)
  يعني بيَّن في كتب الأنبياء À أجمعين.
  فإن قالوا: من القدرية؟
  قلنا: القدرية اسم ذم ولذلك شبههم النبي ÷ بالمجوس فقال: «القدرية مجوس هذه الأمة»(٥)، وهذا الاسم يقع على من كان مذهبه باطلاً، وهو مشتق من القدر.
(١) سورة الإسراء: ٤.
(٢) سورة فصلت: ١٠.
(٣) سورة الحجر: ٦٠.
(٤) الشاعر العجاج بن رؤبة.
(٥) سنن ابن ماجه ج ١ ص ٣٥.