الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

باب في القضاء والقدر

صفحة 161 - الجزء 1

  والثالث: القضاء بمعنى الإخبار والإعلام: كقوله - تعالى -: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ}⁣(⁣١)، يعني: أخبرناهم وأعلمناهم، فبهذا المعنى جميع المعلومات بقضائه.

  وأما القدر: أيضاً فعلى ثلاثة أوجه:

  [الأول]: بمعنى الخلق: كقوله - تعالى -: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}⁣(⁣٢)، يعني في الجبال، يعني: خلق فيها.

  والثاني: بمعنى الإعلام: كقوله - تعالى -: {إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ ٦٠}⁣(⁣٣)، يعني: امرأة لوط أعلمنا وأخبرنا إنها لمن الهالكين مع من هلك من قومه، فبهذا المعنى جميع الأشياء بقدر الله - تعالى -.

  والثالث: بمعنى البيان والكتابة: كقول الشاعر:

  واعلم بأنَّ ذا الجلال قد قَدَرْ ... في الصُّحفِ الأولى التي كان سَطَرْ(⁣٤)

  يعني بيَّن في كتب الأنبياء À أجمعين.

  فإن قالوا: من القدرية؟

  قلنا: القدرية اسم ذم ولذلك شبههم النبي ÷ بالمجوس فقال: «القدرية مجوس هذه الأمة»⁣(⁣٥)، وهذا الاسم يقع على من كان مذهبه باطلاً، وهو مشتق من القدر.


(١) سورة الإسراء: ٤.

(٢) سورة فصلت: ١٠.

(٣) سورة الحجر: ٦٠.

(٤) الشاعر العجاج بن رؤبة.

(٥) سنن ابن ماجه ج ١ ص ٣٥.