الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

باب في الآجال والأرزاق والأسعار

صفحة 172 - الجزء 1

  ولا خطر على قلب بشر»⁣(⁣١).

  وفي جهنم النار وأنواع العذاب، من الأغلال، والسلاسل، والحميم، والزَّقوم، كما في القرآن والأخبار، فمن خالف فيه فهو محجوج بالكتاب، والسنة، والإجماع؛ لأن هذه الجملة عرفت من دين النبي ÷ ضرورة.

باب في الآجال والأرزاق والأسعار

  الأجل: هو الوقت، ولكل نفسٍ أجل مقدر يموت فيه، أو يقتل فهو وقت أجله، والأجل واحد⁣(⁣٢)، والمقتول لو لم يقتل جاز أن يموت وجاز أن يعيش، فأما بعد أن قتل علمنا أنه وقت أجله، ولا يجوز غير هذا.

  وأما الرزق: فهو ما للعبد أن ينتفع به، ولا يكون لأحد منعه منه.

  والحرام: لا يكون رزقاً؛ لأن الله - تعالى - مدح المنفقين من الرزق، والنفقة من الحرام مذمومة، ولأن الله - تعالى - حكيم ولا يجوز من الحكيم أن يعطي أحداً رزقه ثم يعاقب عليه؛ لأنه يكون سفهاً وجهلاً، وهذا لا يجوز على الله - تعالى -.

  وأما الأسعار إذا كانت بسبب من جهة الله - تعالى - بالرخص والغلاء يضاف إليه، وإذا كانت من جهة آدمي يضاف إلى الآدمي.


(١) صحيح البخاري ج ٤ ص ١١٨، صحيح مسلم ج ٤ ص ٢١٧٤.

(٢) وهذا مذهب أبي هاشم وأصحابه، وقالت البغدادية: بل للموت أجلان مقدر ومسمى، واختلف في تفسيرهما عنهم، فقال الحاكم: المقدر الذي يموت أو يقتل فيه، والمسمى الذي لو لم يقتل مثلاً أو لم يغرق أو يصيبه الهدم أو يحترق لبقي إليه، وقال الإمام المهدي أحمد بن يحيى: بل الأقرب أن المخالف يعكس فيجعل المسمى هو الذي يموت فيه أو يقتل أو نحو ذلك، والمقدر يختص بالمقتول والغريق ونحوهما، وهو الذي يقدر بقاؤه إليه لو لم يبق له ذلك؛ لأن هذا أنسب إلى العبارة، ولا يبعد أن يكون مذهبهم هذا متفرعاً على قطعهم بأن المقتول لو لم يقتل لعاش» المعراج إلى كشف أسرار المنهاج ج ٣ ص ١٥٠.