الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

أخبار يحيى بن عبد الله:

صفحة 205 - الجزء 1

أخبار يحيى بن عبد الله:

  هو أبو الحسين، وقيل: أبو عبد الله، يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، فلما قتل الحسين بن علي الفخي كان يحيى معه، فهرب وتوارى وهو يدعو الناس، وبايعه العلماء والناس، وطلب بقعة تكون أماناً هناك، وبعث الدعاة إلى البلاد، والتجأ إلى (ديلمان) بعد أن دعاه عالم كثير إلى بلاد الترك وغير ذلك، وكان يقول: «إن في بلاد (ديلمان) خرجة لنا، يمكن أن تكون لي».

  وهارون الملقب بالرشيد كان يطلبه، وبعث خلقاً كثيراً في طلبه حتى أخبر أنه بـ (ديلمان)، فبعث يطلبه هناك وجرت قصة كبيرة حتى كان في آخر الأمر كتب كتاب الأمان كتاباً محكماً وثيقاً، وأشهد عليه الشهود وبعث إليه، وخرج يحيى # بعد أن علم أنه [إن] لم يخرج يسلم إليه؛ لأن هارون بعث بمال عظيم لامرأة ملك (ديلمان) جستان، فأراد جستان أن يبعث به إلى هارون، فقال يحيى: إذا وصل كتاب الأمان أخرج، فلما وصل كتاب الأمان خرج وجاء إلى هارون، وبعثه هارون إلى المدينة وشرط عليه أن لا يأخذ البيعة من أحد، ولا يخرج بالإمامة، فلما وصل المدينة وكان قلب هارون منشغلاً به وخاف أن يخرج، بعث إلى المدينة حتى جاءوا بيحيى وقال له: أنت تدعو إلى نفسك وتأخذ البيعة، فقال: البتة ما فعلت هذا، فجاءوا بواحد اسمه عبد الله بن مصعب الزبيري، وادّعى على يحيى # أنه دعاني إلى بيعته، وجرت قصة كبيرة، ثم أمر بحبسه، ثم أمر كل يوم أن يعذب بأنواع العذاب، ومنع منه الطعام والشراب حتى ضعف، ثم قتله، واختلفوا كيف قتله.

  وكتب يحيى كتاباً في الحبس وختم عليه، فأخرج بعد وفاته كتب فيه: « يا هارون [المتعدي]⁣(⁣١) قد تقدّم، والخصم على الأثر،


(١) في نسخة (ب): المدعي.