الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

فصل: [في أحوال الأمة الإسلامية]:

صفحة 37 - الجزء 1

[مقدمة المؤلف]

فصل: [في أحوال الأمة الإسلامية]:

  أما بعد: فلما كانت فيما مضى من الزمان قبلنا أئمة الحق وعلماء الأمة، قد أكثروا الكتب المصنفة في بيان الحق، واجتهدوا في إظهار الدين وذبَّوا عنه طعن الطاعنين، حتى ظهر الحق وزهق الباطل، ثم لما مضوا إلى رحمة الله - تعالى -، استقبلت أياماً ونشأ فيها قوم قلَّت رغبتهم في العلم والدين حتى غلبت الجهال، وظهرت البدعة، وكثر النفاق والرياء، وجاء من كل جانب مبتدع قد أضل الناس عن الدين، وأغواهم عن الحق اليقين، وغرَّ عوام الخلق بأنواع الغرور، وأنساهم يوم البعث والنشور، فاغتر بعضهم بسبب الدنيا، وبعضهم بشبهة لا أصل لها، فأوهموا الباطل بصورة الحق، والحق بصورة الباطل، وأسباب الغرور كثيرة⁣(⁣١):

  ١ - منها ترك النظر في الدين كي لا يعرف الحق، فيشتغل بالدنيا ويضيع الدين.

  ٢ - ومنها اعتقاد البدعة بالشبهة.

  ٣ - ومنها أن يقول أكثر الناس على هذا فيجب أن يكون حقاً، ويكون غافلاً من الحق بالقلّة والكثرة، فربما كان القليل على الحق والكثير على الباطل، وقال - تعالى -: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ١٣}⁣(⁣٢).

  ٤ - ومنها حب الرئاسة والتقدم، وكثرة الدنيا.

  ٥ - ومنها تقليد الآباء، والكُبراء، وأئمة الضلال.

  ٦ - ومنها الغرور بأن يكون نشأ في وقت دولة وخروج ظلمة.


(١) انظرها في كتابه (تحكيم العقول في تصحيح الأصول) ص ٣١.

(٢) سورة سبأ: ١٣.