الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

فصل: [في سبب تأليف هذا الكتاب]:

صفحة 39 - الجزء 1

  نوح # قال: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ}⁣(⁣١)، وهود # قال: {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ٦٨}⁣(⁣٢)، وصالح # قال: {وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ ٩٣}⁣(⁣٣)، والرجل المؤمن قال لموسى: {فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ٢٠}⁣(⁣٤).

  وقد ورد: «الدين النصيحة، الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم»⁣(⁣٥)، وروى أنس بن مالك عن النبي ÷ أنه قال: «ألا أخبركم بقوم ليسوا أنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: الذين يحببون عباد الله إلى الله، ويحببون الله إلى عباده، ويمشون في الأرض نُصحاً، قلنا: هذا الذي يحبب الله إلى عباده فكيف عباد الله إلى الله؟ قال: يأمرونهم بما يحب الله وينهونهم عمّا يكره الله، فإذا أطاعوهم أحبهم الله»⁣(⁣٦)، وجرير بن عبد الله الأنصاري أتى رسول الله ÷ ليبايعه فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله - بيده وقال: «النصيحة لكل مسلم إنه من لا يرحم الناس لا يرحمه الله»⁣(⁣٧)، وأنس كان يروي عن النبي - صلى الله عليه وآله - أنه قال: «إن الدين النصيحة⁣(⁣٨)، ألا إن من لم ينصح فقد غش، ألا ومن غش فليس منا»⁣(⁣٩).


(١) سورة الأعراف: ٦٢.

(٢) سورة الأعراف: ٦٨.

(٣) سورة الأعراف: ٩٣.

(٤) سورة القصص: ٢٠.

(٥) مسلم ج ١ ص ٧٤، أحمد بن حنبل ج ٢٨ ص ١٤٠.

(٦) له شواهد متعددة في مسند أحمد ج ٣٧ ص ٥٤١، والمعجم الكبير للطبراني ج ١٢ ص ١٣٤، وغير ذلك.

(٧) أحمد بن حنبل في المسند ج ٣١ ص ٥٦٧، أبي داود الطيالسي في المسند ج ٢ ص ٥٠.

(٨) سبق وأن ذكرنا شواهد لهذا المقطع.

(٩) ذكر هذا المقطع ابن دقيق العيد كشرح للمقطع الأول. شرح الأربعين النووية ص ١١٤.