مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة [في اختلاف رواية أهل البيت]

صفحة 373 - الجزء 1

  الإيمان على سواء فالاستثناء مما يمكن وقوعه، ومعلوم أن ذلك لا يمتنع ولا يستحيل، بل قد وقع وقد أخرج الاستثناء بعض ما يصح لأن القتل على نوعين، فحظر على المؤمن أحدهما، وعقبه بالوعيد، وجرى الثاني مجرى المباح لخروجه عن باب التكليف لأن الله تعالى [لا] يجوز أن يكلف عبده ما لا يعلم لأن ذلك قبيح، والله لا يفعل، ووكده تعالى بالتوبة في آخر الآية قابل به توبة العبد، فحد اللفظ باللفظ، وأصل التوبة الرجوع، ثم صار بالعرف رجوعا مخصوصا، ثم نقله الشرع الشريف على مقتضى الأصول غى الندم على ما ارتكب من المعاصي، والعزم أن لا يعود إليها لأجل قبحها، وهي من منّ الله على من تاب، وفي القرآن الكريم: {إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}⁣[الحجرات: ١٢]، وقوله تعالى: {ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا}⁣[التوبة: ١١٨]، رجع إليهم ليرجعوا، وقوله: توبة والله أعلم: رجعة.

  مسألة في تفسير الأكنة على القلوب، والوقر في الآذان، وكيف يصح أن يجعل الله مع ذلك عقوبة في حال التكليف إن كان المراد به ذلك؟

  الكلام في ذلك: أن الله تعالى شبّه حالهم بحال من لا يعقل ولا يسمع، فصارت القلوب كأنها في أكنة، والآذان كأنها موقورة، والجعل هاهنا بمعنى الحكم، وعلى وجه آخر أنهم - أعني المشركين - كانوا قد تعاهدوا في بعض أوقاتهم على أنهم إن سمعوا رسول الله ÷ يقرأ أنزلوا به مضرة وشرا، فكان سماعهم للقرآن والحال هذه مفسدة في علم الله سبحانه وتعالى، فجعل الوقر في آذانهم، والأكنة على قلوبهم في تلك الحال دون غيرها، وحكى تعالى ما كان.

  وأما قوله: كيف تكون العقوبة مع بقاء التكليف؟ فالعقوبة تستحق من يأتي الفعل، وإنما لا تستمر العقوبة لأنها تزيل حكم التكليف لوقوع الإلجاء