مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

يتلوه رسالة الإيضاح بعجمة الإفصاح

صفحة 526 - الجزء 1

  المؤمنين، وفرضها باق إلى الآن، وإن لم نثبت الأحكام التي علمنا ونمضيها على وجهها يكن إهمالنا لها فتنة في الأرض وفسادا كبيرا، {الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا} هؤلاء المهاجرون الآخرون بعد المهاجرين الأولين فلا تكرار في الأولى، {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا} أعاد ذكر الأنصار تأكيدا، {أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}⁣[الأنفال: ٧٤] فأفاد بقوله: {حَقًّا} الإيمان الشرعي، والمؤمنون غير حقّ: هو الإيمان اللغوي، والحقّ نقيضه الباطل، والباطل غير دين.

  وأما قصة الفتح في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} ... إلى قوله: {وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً}⁣[الفتح: ٢٤ - ٢٥]، قال: فسماهم تعالى مؤمنين مع إقامتهم في دار الحرب.

  الكلام في ذلك: أنّ الآية ظاهرة الحكمة، واضحة العلم، لا يغبى دليلها، ولا يلتبس سبيلها، وبيان هذه الجملة أن الإسلام لشرفه رفع من دخله، فالحمد لله تعالى، فلم يبق [فيه]⁣(⁣١) مشروف ولا شريف، ولا صميم ولا حليف إلا وذكر اسمه، وكذلك أسماء العبيد والنساء والإماء، وقولهم هذا يعلمه العلماء، ولا يتناكرون فيه، وأصدق من قولنا قول رب العالمين، فإنه أخبرنا تعالى بأنّا لا نعلمهم ولا نجهل - والحال ما قدمنا - إلا الضعيف المغمور، والقبح لنا معلوم، وحديثه مشهور، ولا نعلم أنه بقي في مكة من يقدر على الحراك، وقد أخبرنا تعالى بأنهم لا يحسنون حيلة ولا يهتدون سبيلا، وأخبر


(١) زيادة في (ب).