مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

يتلوه رسالة الإيضاح بعجمة الإفصاح

صفحة 529 - الجزء 1

  على من قتله القصاص إن كان القتل عمدا، أو الدية والكفارة إن كان خطأ بالإجماع، سواء كان عدوا لمؤمن آخر أو غير عدو، وسواء كان المؤمنون الذين هم بينهم أعداء لآخرين أم غير أعداء.

  أما الآية في سورة النساء فقوله تعالى: {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً}، وليس للمؤمن قتل المؤمن خطأ ولا غير خطأ، فمعنى الآية أن قتل المؤمن حرام على المؤمن وإن قتله خطأ، فكأن الاستثناء لزوال الإثم لا غير، فمعنى الآية والله أعلم: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا ويجب به القود إلا أن يقتله خطأ، ثم بيّن تعالى حكم قاتل الخطأ فقال: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}⁣[النساء: ٩٢]، قال: فسماه ø مؤمنا مع أنه من قوم عدو لنا، وأوجب على قتله الكفارة دون الدية، وهذا إذا قتله وهو يظنّ أنه كافر إلى آخر قوله، ولا شكّ أن حكمه ذلك.

  فإن كان المؤمن المقتول خطأ من قوم مؤمنين دفعت الدية إلى أهله، وإن كان من قوم عدو لنا وهم الكفار فعلينا فيه تحرير رقبة ولا دية؛ لأن أهله لا يستحقون علينا الدم لمكان جرمهم.

  والتعليل أنه قتل وهو يظنّ أنه كافر، فقتل الخطأ لا تنحصر صوره، ولكن حكمه هذا متى وقع.

  فأما قوله: ولا يعقل من هذا إلا أنه مؤمن بين كفار، إذ لو كان مؤمنا بين مؤمنين لوجب على من قتله القصاص إن كان القتل عمدا، أو الدية والكفارة إن كان خطأ بالإجماع، وهذا مقصود إيراده، وما بعده فرع عليه.