مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

يتلوه رسالة الإيضاح بعجمة الإفصاح

صفحة 531 - الجزء 1

  الكافر أو رآه هدنة كفر، وهذا أبلغ في باب الاحتياط من المساكنة، يعلم ذلك العقلاء إذا كان يكفر من رآه ساعة فكيف بمن ساكنه وعاشره، وذكرنا أن القاسم # قال في (تحرير الأصول): من مات ممن هو على الإسلام ولم يهاجر من دار الفاسقين لم يصلّ عليه شرعا. ونحن أثبتنا للفاسقين دارا ثالثة قبل وقوفنا على مذهب القاسم # وبينّا براهينه ونفوسنا ساكنة إليها، وما زيادة القاسم # بقليلة، فكيف وقد عيّنّا من أئمة أهل البيت [$] السابقين والمقتصدين أربعة عشر إماما، ومن علمائهم عدة وافرة، والحاكم إنما ذكر ما صحّ عنده، وليس صحة ذلك عنده تمنع من صحة غيره عند غيره، ومن يقول: التوبة من الكفر لا تصحّ مع الإصرار على معصية، وترك الهجرة عند القاسم # من كبائر المعاصي فهو باق على كفره عند أهل هذه المقالة، وهو كافر عند النافين بما قدّمنا.

  فأما عمدة من قال بتكفير من ساكن أهل دار الحرب، فقوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ ...} إلى آخر الآية [المجادلة: ٢٢]، وظاهر المساكنة تقضي بالموادة ولو كان في الباطن غير ذلك، كما ذكرنا في قصة العباس # لأن الناس في الأغلب والأكثر لا يساكنون إلا مع الموادة فيتعلق الحكم بذلك الظاهر، وقد قال تعالى لنبيه ÷: {قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ...} إلى آخر الآية [التوبة: ٢٤]، ومن كان غير الله أحب إليه من الله