يتلوه رسالة الإيضاح بعجمة الإفصاح
  الكافر أو رآه هدنة كفر، وهذا أبلغ في باب الاحتياط من المساكنة، يعلم ذلك العقلاء إذا كان يكفر من رآه ساعة فكيف بمن ساكنه وعاشره، وذكرنا أن القاسم # قال في (تحرير الأصول): من مات ممن هو على الإسلام ولم يهاجر من دار الفاسقين لم يصلّ عليه شرعا. ونحن أثبتنا للفاسقين دارا ثالثة قبل وقوفنا على مذهب القاسم # وبينّا براهينه ونفوسنا ساكنة إليها، وما زيادة القاسم # بقليلة، فكيف وقد عيّنّا من أئمة أهل البيت [$] السابقين والمقتصدين أربعة عشر إماما، ومن علمائهم عدة وافرة، والحاكم إنما ذكر ما صحّ عنده، وليس صحة ذلك عنده تمنع من صحة غيره عند غيره، ومن يقول: التوبة من الكفر لا تصحّ مع الإصرار على معصية، وترك الهجرة عند القاسم # من كبائر المعاصي فهو باق على كفره عند أهل هذه المقالة، وهو كافر عند النافين بما قدّمنا.
  فأما عمدة من قال بتكفير من ساكن أهل دار الحرب، فقوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ ...} إلى آخر الآية [المجادلة: ٢٢]، وظاهر المساكنة تقضي بالموادة ولو كان في الباطن غير ذلك، كما ذكرنا في قصة العباس # لأن الناس في الأغلب والأكثر لا يساكنون إلا مع الموادة فيتعلق الحكم بذلك الظاهر، وقد قال تعالى لنبيه ÷: {قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ...} إلى آخر الآية [التوبة: ٢٤]، ومن كان غير الله أحب إليه من الله