مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

وهذه أجوبة مسائل له #

صفحة 603 - الجزء 1

  المنفعة وليس هو من مذهبه، فإن الملطوف فيه يجوز أن لا يكلفه رأسا، فكيف اللطف المقرب إليه!

  قال: ولم أعقل في تكليفها في أول الوقت إلا أنها إما أن تكون يراعى بها، فإن بلغ المكلف آخر الوقت وهو على صفة المكلفين كان ما أتى به واجبا أو مسقطا للواجب، وإن انصرم أو زال قبل إدراك عقله فهي نفل، أو يقال: إنها لطف، كل جزء منها لطف فيما يليه من أجزائها، وهو قوي من جهة النظر، إذ فيه تكاليف عقلية يجب إخطارها بالبال عند الإتيان بالصلاة، غير أن الإجماع قد منع من ذلك والآية الشريفة: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ}⁣[العنكبوت: ٤٥]، فأخبر أنها لطف في الإخلال بها؟

  والجواب عمّا سأل عنه: أنّ هذه المسألة على تنوّع الوجوه التي ذكرت مستقيمة على قولنا، بحيث لا سبيل إلى دخول خلل في معانيها مما ذكره من الاعتراض؛ لأن اعتراضه لا يصحّ إلا بقصر حقيقة أو تسليم خصم وكل ذلك غير مستقيم، فذكر الواجب المخيّر، ومثّل ذلك بالصلاة في أول الوقت ووسطه وآخره، وقال: هل ينوي المكلف الوجوب قطعا أم لا؟ فألزم على ذلك ما لم يقل، وحقيقة الواجب عندنا: هو ما للإخلال به مدخل في استحقاق الذم على بعض الوجوه، واحترزنا بقولنا: على بعض الوجوه، من واجب الكفاية، والواجب المخيّر.

  وقوله: هل يعتقد الوجوب في أول الوقت قطعا؟

  فجوابنا: نعم، وهو قبل الدخول فيه غير مضيق عليه في تأديته، فإذا شرع فيه فقد ضيّق على نفسه الموسّع كان له القطع ونية تأدية الواجب.