مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة [في متشابه القرآن]

صفحة 90 - الجزء 1

  أما الجنب فقد يعبر به عن الذات تقول: هذا ما أصابني في جنب فلان، تريد في ذاته وحقه، وقد قال من يوثق بعربيته:

  فكلما لاقيته معتفر في جنب من ... إيثاره سخط النوى

  وقد يكون الوجه أول شيء، كما قال تعالى حاكيا عن أهل الكتاب: {آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ}⁣[آل عمران: ٧٢]، وقال الشاعر:

  من كان مسرورا بمقتل مالك ... فليأت بيوتنا بوجه نهار

  والوجه: العضو المخصوص، ووجه الشيء هو الشيء نفسه، تقول: هذا وجه الرأي، أي: هذا هو الرأي فإذا ذكر سبحانه الوجه فلا يجوز عليه العضو، ولا أول له فالمراد بالوجه الذات ونفس الشيء.

  فمعنى قوله تعالى: {وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ}⁣[الرحمن: ٢٧] ويبقى ربك وهذا التأويل يطلق عليه الكافة من الأمة إذ ليس أحد منهم جوّز عليه تعالى الفناء إلا وجهه، ودلالة العقل تحكم به وهو أنه لا يجوز عليه العدم لاستحقاقه البقاء لذاته، وقد نطق محكم القرآن بأنه الأول والآخر، الأول قبل كل شيء والباقي بعد كل شيء، والظاهر بالأدلة الدالة عليه لكل مستبصر، والباطن عن إدراك الحواس على مرور الأجراس.

  فأما روايته عن عائشة ^ وعن الصحابة والتابعين فلم يثبتها، فإن أراد أنهم قالوا: إن من القرآن ما لا يعلم معناه إلا الله سبحانه دون خلقه فلا يصح رواية ذلك عنهم؛ لأن المعلوم من حالهم بيان كل مشكل من كتاب الله سبحانه لكل سائل، ولم يقولوا في شيء منه: لسنا نعلم معناه، فإن روي عنهم ذلك فشاذ لا يعتمد عليه، وإن صح ذلك عنهم أو عن أحدهم فالخطأ