غزوة بدر الكبرى
  وبلغ أبا سفيان قول أبي جهل، فقال: وا قوماه! هذا عمل عمرو(١) بن هشام، يعنى أبا جهل، ثم لحق المشركين، فمضى معهم، فجرح يوم بدر جراحات، وأفلت هارباً على قدميه، ذكره الكازروني في تأريخه.
  وأقبل رسول الله ÷ حتى نزل أدنى بدر، فبعث علياً # في نفر يتجسسون على الماء، فوجدوا روايا قريش، فأخذوا السقاة، وأقبلوا بهم ورسول الله ÷ يصلي، فسألوهم عن العير؟ فقالوا: نحن سقاة قريش فضربوهم، فقالوا: نحن لأبي سفيان، فأمسكوا عنهم، ففرغ رسول الله ÷ من صلاته، وقال لهم: «إن صدقوكم ضربتموهم، وإن كذبوكم تركتموهم»، ثم أقبل عليهم يسألهم، ويخبرونه بمن خرج من مكة، وأخبروه(٢): أن قريشاً خلف هذا الكثيب(٣)، فنهض ÷ حتى نزل على قليب(٤) بدر، وبعث الله السماء، فأصاب المسلمين ماء، لبَّد الأرض، ولم يمنع السير، وأصاب المشركين من ذلك ما لم يقدروا أن يرتحلوا معه، وإنما بينهم قَوْزٌ من رمل(٥)، وبُني لرسول الله ÷ عريش على القليب من جريد، وقام سعد بن معاذ على بابه متوشحاً بالسيف، ومشى رسول الله ÷ في موضع الوقعة، وعرض على أصحابه مصارع رؤوس الكفر موضعاً موضعاً، فما عدا واحد منهم مصرعه الذي حدَّ له رسول الله ÷، وأصبح رسول الله ÷ ببدر يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان، فطلعت قريش وهو ÷ يصفُ أصحابه، وهاجت ريح شديدة، ثم هاجت ريح أشد منها، ثم هبت ريح ثالثة(٦) أشد منها، فكانت الأولى جبريل
(١) عمرو، سقط من (ب).
(٢) في (ب): فأخبروه.
(٣) انظر سيرة ابن هشام ٢/ ٢٠٧ - ٢٠٨، وشرح النهج لابن أبي الحديد ١٤/ ١١٥ - ١١٦.
(٤) القليب: البئر.
(٥) القَوْز: الكثيب العالي من الرمل، جمعه أقواز، وقيزان.
(٦) ثالثة، زيادة من (ب).