السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

غزوة بدر الكبرى

صفحة 107 - الجزء 1

  وبلغ أبا سفيان قول أبي جهل، فقال: وا قوماه! هذا عمل عمرو⁣(⁣١) بن هشام، يعنى أبا جهل، ثم لحق المشركين، فمضى معهم، فجرح يوم بدر جراحات، وأفلت هارباً على قدميه، ذكره الكازروني في تأريخه.

  وأقبل رسول الله ÷ حتى نزل أدنى بدر، فبعث علياً # في نفر يتجسسون على الماء، فوجدوا روايا قريش، فأخذوا السقاة، وأقبلوا بهم ورسول الله ÷ يصلي، فسألوهم عن العير؟ فقالوا: نحن سقاة قريش فضربوهم، فقالوا: نحن لأبي سفيان، فأمسكوا عنهم، ففرغ رسول الله ÷ من صلاته، وقال لهم: «إن صدقوكم ضربتموهم، وإن كذبوكم تركتموهم»، ثم أقبل عليهم يسألهم، ويخبرونه بمن خرج من مكة، وأخبروه⁣(⁣٢): أن قريشاً خلف هذا الكثيب⁣(⁣٣)، فنهض ÷ حتى نزل على قليب⁣(⁣٤) بدر، وبعث الله السماء، فأصاب المسلمين ماء، لبَّد الأرض، ولم يمنع السير، وأصاب المشركين من ذلك ما لم يقدروا أن يرتحلوا معه، وإنما بينهم قَوْزٌ من رمل⁣(⁣٥)، وبُني لرسول الله ÷ عريش على القليب من جريد، وقام سعد بن معاذ على بابه متوشحاً بالسيف، ومشى رسول الله ÷ في موضع الوقعة، وعرض على أصحابه مصارع رؤوس الكفر موضعاً موضعاً، فما عدا واحد منهم مصرعه الذي حدَّ له رسول الله ÷، وأصبح رسول الله ÷ ببدر يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان، فطلعت قريش وهو ÷ يصفُ أصحابه، وهاجت ريح شديدة، ثم هاجت ريح أشد منها، ثم هبت ريح ثالثة⁣(⁣٦) أشد منها، فكانت الأولى جبريل


(١) عمرو، سقط من (ب).

(٢) في (ب): فأخبروه.

(٣) انظر سيرة ابن هشام ٢/ ٢٠٧ - ٢٠٨، وشرح النهج لابن أبي الحديد ١٤/ ١١٥ - ١١٦.

(٤) القليب: البئر.

(٥) القَوْز: الكثيب العالي من الرمل، جمعه أقواز، وقيزان.

(٦) ثالثة، زيادة من (ب).