غزوة بدر الكبرى
  ولما التحم القتال كان رسول الله ÷ رافعاً يديه يسأل الله النصر، وأخذ كفاً من الحصى، فرمى المشركين بها، وقال: «شاهت الوجوه، اللهم أرعب قلوبهم، وزلزل أقدامهم» فانهزم أعداء الله، لا يلوون على شيء(١)، وألقوا دروعهم، وما بقي منهم أحد إلا امتلأ وجهه وعيناه لا يدري أين يتوجه، وذلك قول الله ø: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ}[الأنفال: ١٧] الآية(٢).
  وانقطع سيف عُكَّاشة بن محصن(٣)، فأعطاه رسول الله ÷ عوداً، فإذا هو سيف طويل أبيض فقاتل به، ولم يزل عنده حتى هلك(٤).
  وانكسر سيف سلمة بن أسلم، فأعطاه رسول الله ÷ قضيباً، كان في يده من عراجين ابن طاب(٥)، فقال: «اضرب به» فإذا هو سيف جيد، فلم يزل عنده حتى قتل يوم خيبر(٦).
  [ومنعت قريش البكاء على قتلى بدر خوف الشماتة، وكان الأسود بن المطلب(٧) أصيب له ثلاثة من ولده: زمعة، وعُقَيْل، والحارث، وكان يحب أن يبكي عليهم، فسمع ليلة صوت باكٍ، فقال لغلام: انظر لعله حلَّ النحيب، فقال: إنما تبكي على بعير ضلَّ، فقال من قصيدة:
(١) ابتسام البرق - خ -، وشرح ابن أبي الحديد ١٤/ ١٤٦.
(٢) ابتسام البرق - خ -.
(٣) في النسختين: محيص، وأثبته من سيرة ابن هشام، وشرح النهج لابن أبي الحديد.
(٤) ابتسام البرق - خ -، وانظر سيرة ابن هشام ٢/ ٢٢٣، وشرح النهج لابن أبي الحديد ١٤/ ١٤٧.
(٥) أي من نخلة، تسمى عراجين ابن طاب.
(٦) في شرح النهج: فلم يزل عنده حتى قتل يوم جسر أبي عبيد، وانظر الرواية فيه ١٤/ ١٤٧، وفي ابتسام البرق - خ -.
(٧) في النسختين: بن عبد المطلب، والصواب: ابن المطلب كما أثبته.