[ذكر أسرى بدر]
  من زينب بنت سيد المرسلين، إلى محمد رسول رب العالمين، أما بعد، فإني شاكية إليك وثوب نساء قريش بألسن السوء عليَّ، ونظرهم بعين المقت إليَّ، إلى قولها: فأنا ترحة مع الترحات، محزونة مع المحزونات، مكظومة الجانب، مأسورة الصاحب، قد فلني(١) الحزن، وهجرني الوَسَنُ، لفقد الخدين، وذل القرين، وكأن الأسر وقع بي دونه؛ لموضع الإشفاق مني عليه، فأبق يا أبة على سَجْفِ(٢) ابنتك، فقد كان نعم الحافظ لما أودعت، والمحسن إلى ما به قرنت، وأنا القائلة في ذلك:
  كتاب من الولهاء في دار غربة ... تعاورها الذؤبان(٣) من كل جانب
  جفاها أبوها(٤) واستضيمت ببعلها ... فلله ما تلقاه من كل عاتب
  الأبيات إلى آخرها، ومنها:
  وقد كان لي عقد وراثة برة ... خديجة أمي أن مضت في الذواهب
(١) في (ب): قد قلقني الحزن.
(٢) السجف: الستر.
(٣) ذؤبان العرب: لصوصهم وصعاليكهم. (القاموس المحيط ص ١٠٨).
(٤) إذا صحت الرواية هذه والأبيات الشعرية، فالمقصود بقولها في هذا البيت: جفاها أبوها. على جهة الحكاية لقول المشركين لزينب بنت رسول الله ÷، وتعييرهم لها ورميهم بألسن السوء للنيل منها ومن أبيها ÷، وليس المقصود بذلك أن قولها: جفاها أبوها، تريد بذلك الشكاية والعتاب فإن زينب رضوان الله عليها لا تقول ذلك في حق أبيها، فمن المعلوم الذي لا شبهة فيه أن النبي ÷ لم يجف أحداً من الخلق قط، فكيف ببناته وفلذ كبده. حاش لله فهو على خلق عظيم كما نطق به محكم التنزيل.