السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[ذكر أسرى بدر]

صفحة 114 - الجزء 1

  من زينب بنت سيد المرسلين، إلى محمد رسول رب العالمين، أما بعد، فإني شاكية إليك وثوب نساء قريش بألسن السوء عليَّ، ونظرهم بعين المقت إليَّ، إلى قولها: فأنا ترحة مع الترحات، محزونة مع المحزونات، مكظومة الجانب، مأسورة الصاحب، قد فلني⁣(⁣١) الحزن، وهجرني الوَسَنُ، لفقد الخدين، وذل القرين، وكأن الأسر وقع بي دونه؛ لموضع الإشفاق مني عليه، فأبق يا أبة على سَجْفِ⁣(⁣٢) ابنتك، فقد كان نعم الحافظ لما أودعت، والمحسن إلى ما به قرنت، وأنا القائلة في ذلك:

  كتاب من الولهاء في دار غربة ... تعاورها الذؤبان⁣(⁣٣) من كل جانب

  جفاها أبوها⁣(⁣٤) واستضيمت ببعلها ... فلله ما تلقاه من كل عاتب

  الأبيات إلى آخرها، ومنها:

  وقد كان لي عقد وراثة برة ... خديجة أمي أن مضت في الذواهب


(١) في (ب): قد قلقني الحزن.

(٢) السجف: الستر.

(٣) ذؤبان العرب: لصوصهم وصعاليكهم. (القاموس المحيط ص ١٠٨).

(٤) إذا صحت الرواية هذه والأبيات الشعرية، فالمقصود بقولها في هذا البيت: جفاها أبوها. على جهة الحكاية لقول المشركين لزينب بنت رسول الله ÷، وتعييرهم لها ورميهم بألسن السوء للنيل منها ومن أبيها ÷، وليس المقصود بذلك أن قولها: جفاها أبوها، تريد بذلك الشكاية والعتاب فإن زينب رضوان الله عليها لا تقول ذلك في حق أبيها، فمن المعلوم الذي لا شبهة فيه أن النبي ÷ لم يجف أحداً من الخلق قط، فكيف ببناته وفلذ كبده. حاش لله فهو على خلق عظيم كما نطق به محكم التنزيل.