السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[سرية عمرو بن أمية الضمري لقتل أبي سفيان]

صفحة 141 - الجزء 1

  وقال ابن هشام في سيرته: بعث رسول الله ÷ عمرو بن أمية الضمري إلى مكة ليقتل أبا سفيان، وبعث معه جبار بن صخر الأنصاري، فخرجا حتى قدما مكة وحبسا جمليهما بشعب من شعاب يأجج⁣(⁣١)، ثم دخلا مكة ليلاً، قال عمرو: فبينا نحن نمشي بمكة إذ نظر إليَّ رجل من أهل مكة فعرفني، فقال عمرو بن أمية: والله إن قدمها إلا لشر، فقلت لصاحبي: النجاء، فخرجنا نشتد حتى أصعدنا في جبل، وخرجوا في طلبنا، حتى إذا علونا الجبل يئسوا منَّا، فرجعنا فدخلنا كهفاً في الجبل فبتنا به وقد أخذنا حجارة فرضمناها⁣(⁣٢) دوننا، فلما أصبحنا غدا رجل من قريش يقود فرساً له ويختلي⁣(⁣٣) عليها فغشينا ونحن في الغار، فقلت: إن رآنا صاح بنا، فأخذنا فقتلنا، قال: ومعي خنجر قد أعددته لأبي سفيان، قال: فأخرج إليه فأضربه ضربة على ثديه، فصاح صيحة أسمع أهل مكة وأرجع فأدخل مكاني، وجاءه الناس يشتدون وهو بآخر رمق، فقالوا له: من ضربك؟ فقال: عمرو بن أمية الضمري، وغلبه الموت فمات مكانه⁣(⁣٤)، ولم يدلل⁣(⁣٥) على مكاننا، فاحتملوه، فقلت لصاحبي لما أمسينا: النجاء، فخرجنا ليلاً⁣(⁣٦) من مكة نريد المدينة، فمررنا بالحرس وهم يحرسون جيفة خُبيب بن عدي، فقال أحدهم: والله، ما رأيت كالليلة أشبه بمشية عمرو بن أمية، لولا أنه بالمدينة لقلت: هو عمرو بن أمية، فلما حاذى الخشبة شد عليها فأخذها، واحتملها وخرجوا وراءه حتى أتى⁣(⁣٧) جرفاً بمهبط مسيل يأجج، فرمى بالخشبة في الجرف، فغيَّبه الله عنهم، فلم يقدروا عليه، قال:


(١) يأجَج: مكان من مكة على ثمانية أميال. (معجم ياقوت ٥/ ٤٢٤).

(٢) في (ب): في مصباها، وهو غامض.

(٣) في سيرة ابن هشام: ويخلي، وفي تأريخ الطبري: ومختل.

(٤) مكانه، زيادة من (ب).

(٥) في (ب): ولم يدفن.

(٦) ليلاً، سقط من (ب).

(٧) في (ب): أتوا.