السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

عمرة الحديبية

صفحة 174 - الجزء 1

  وخرجوا إلى بلدح⁣(⁣١)، فضربوا بها القباب والأبنية ومعهم النساء والصبيان، واستنفروا من أطاعهم من الأحابيش، وأجمعوا على منع رسول الله ÷ من دخول مكة، ودنت طلائع المشركين وخيلهم حتى نظروا إلى المسلمين وحانت الصلاة، فصلى ÷ بالمسلمين صلاة الخوف.

  قلت: وفي (سيرة ابن هشام): قال ابن إسحاق: وقد حدثني بعض من لا أتهم، عن عكرمة مولى ابن عباس، أن قريشاً كانوا بعثوا أربعين رجلاً أو خمسين رجلاً منهم، وأمروهم أن يُطيفوا بعسكر رسول الله ÷ ليصيبوا لهم⁣(⁣٢) من أصحابه أحداً، فَأُخِذُوا أخذاً فأتي بهم رسول الله ÷ فعفا عنهم، وخلى سبيلهم، وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله ÷ بالحجارة والنبل⁣(⁣٣).

  قال ابن بهران: ثم سار ÷ حتى دنا من الحديبية، فبركت ناقته القصواء، فقال الناس: خلأت⁣(⁣٤) القصواء، فقال ÷: «إنها ما خلأت، ولا هو لها بعادة، ولكن حبسها حابس الفيل⁣(⁣٥)، أما والله لا يسألوني⁣(⁣٦) اليوم خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها»، ثم زجرها فقامت فنزل ÷ بالناس على ثمد⁣(⁣٧) من ثماد الحديبية قليل الماء، فاشتكى الناس قلة الماء، فانتزع ÷ سهماً من كنانته فأمر به فَغُرِزَ في الثمد، فجاش لهم بالرواء حتى ضربوا بعطن⁣(⁣٨)،⁣(⁣٩) وقال


(١) بلدح: واد قبل مكة من جهة المغرب. (معجم البلدان ٢/ ٤٨٠).

(٢) في (أ): بهم.

(٣) سيرة ابن هشام ٣/ ٢٠٤.

(٤) أي حرنت وبركت من غير علة. تمت حاشية بين السطور في (أ)، وانظر مختار الصحاح ص ١٨٣.

(٥) اللفظ من هنا في سيرة ابن هشام ٣/ ٢٠٠، والطبري ٢/ ٢٧٣: «ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة الرحم إلاَّ أعطيتهم إياها».

(٦) في (ب): لا تسلني.

(٧) الثمد بسكون الميم وفتحها: الماء القليل الذي لا مادة له. (مختار الصحاح ص ٨٦).

(٨) العطن: مبرك الإبل حول الماء بعد الشرب ليعاد سقيها. (هامش في ابتسام البرق).

(٩) بعده في ابتسام البرق: وبلغ رسول الله ÷ أن قريشاً قد أقسموا أن لا يخلوا بينه وبين البيت حتى تبيد خضراؤهم.