السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

عمرة الحديبية

صفحة 177 - الجزء 1

  فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله ÷ حين رآه: «لقد رأى هذا ذعراً»، فلما انتهى إلى النبي ÷ قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله، قد والله أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم، قال النبي ÷: «ويل أمه! مسعر حرب لو كان له أحد»، فلما سمع ذلك عرف أنه⁣(⁣١) سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر، وانفلت أبو جندل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي ÷ تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم، فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي ÷ إليهم، فأنزل الله ø: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ}⁣[الفتح: ٢٤] حتى بلغ: {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ}، وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينهم⁣(⁣٢) وبين البيت، انتهى ما ذكره⁣(⁣٣) في البخاري.

  قال ابن بهران: ولما تَمَّ الصلح أمر النبي ÷ أن ينحر الهدي، ويحلقوا رؤوسهم، ويحلوا من إحرامهم، فشقَّ ذلك عليهم، فانطلق رسول الله ÷ إلى هديه، فنحره، ثم دعا الحلاَّق فحلق رأسه، فلما رأى المسلمون ذلك نحروا هديهم، وحلقوا رؤوسهم، وأقام ÷ بالحديبية بضعة عشر يوماً، وقيل: عشرين يوماً ثم انصرف، فلما بلغ عُسْفان أرمل⁣(⁣٤) المسلمون من الزاد، فأمرهم ÷ بجمع ما بقي معهم، فكان منهم من يأتي بالكف من السويق والدقيق، ومنهم من يأتي بالقبضة من التمر أو التمرة الواحدة، ومنهم من لم يأتِ بشيء، فاجتمع من ذلك شيء قليل، فدعا ÷ بالبركة فيه⁣(⁣٥)، ثم قال:


(١) في (أ): بأنه.

(٢) في (ب): بينه.

(٣) ذكره، زيادة من (ب).

(٤) أرملوا من الزاد أي: نفد زادهم.

(٥) فيه، زيادة من ابتسام البرق.