السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

غزوة خيبر

صفحة 178 - الجزء 1

  «هاتوا أوعيتكم»، فكان الرجل يأخذ حتى يملأ وعاءه، ثم أذن ÷ بالرحيل، وأنزل الله ø سورة الفتح، فقرأها ÷ على الناس بكراع الغميم، ثم سار حتى بلغ المدينة، وكان المسلمون قد كرهوا الصلح وداخلهم منه أمر عظيم؛ لأنهم خرجوا وهم لا يشكُّون في الفتح، فجعل الله سبحانه عاقبة ذلك خيراً⁣(⁣١)، فأسلم في الهدنة أكثر ممن كان أسلم من يوم دعا رسول الله ÷ إلى يوم الحديبية، وما كان في الإسلام فتح أعظم من الحديبية، فإن الحرب قد كانت حجزت بين الناس، فلما كانت الهدنة أمن الناس، وأسلم فيها صناديد قريش الذين كانوا يقومون بنصر الشرك كخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص وأشباههما، وفشا الإسلام في جميع العرب، وكانت الهدنة إلى أن نقض المشركون العهد اثنين وعشرين شهراً⁣(⁣٢).

  قال ابن هشام: وهاجرت إلى رسول الله ÷ أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط في تلك المدة، فخرج أخواها عمارة والوليد ابنا عقبة، حتى قدما على رسول الله ÷ يسألانه أن يردها عليهما فلم يفعل، أبى الله ذلك⁣(⁣٣)، بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ}⁣[الممتحنة: ١٠] الآيات إلى آخرها.

غزوة خيبر⁣(⁣٤)

  ثم كانت غزوة خيبر، وبينها وبين المدينة ثمانية بُرُد، خرج إليها رسول الله ÷ في صفر، وفي (سيرة ابن هشام): في المحرم⁣(⁣٥)، وقيل: لهلال ربيع الأول سنة سبع على


(١) في ابتسام البرق: فجعل الله عاقبة القضية خيراً.

(٢) ابتسام البرق - خ باختلاف يسير.

(٣) سيرة ابن هشام ٣/ ٢١٣.

(٤) انظر: سيرة ابن هشام ٣/ ٢١٤ - ٢٣٩، وابتسام البرق - خ -، والسفينة للحاكم الجشمي (ج ٢) - خ -، وتأريخ الطبري ٢/ ٢٩٨ - ٣٠٣.

(٥) السيرة النبوية ٣/ ٢١٥، وكما ذكره ابن هشام، ذكره الحاكم الجشمي في السفينة (ج ٢) - خ ـ، والطبري في تأريخه ٢/ ٢٩٨.