السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[سرية خالد بن الوليد إلى أكيدر من دومة الجندل]

صفحة 236 - الجزء 1

  ودعا، ولا يُرَى في السماء سحاب، فما زال يدعو حتى تألف السحاب، ولم يرم⁣(⁣١) من مقامه حتى سحت السماء بالرواء، فسقي الناس وارتووا عن آخرهم.

  وقال ÷: «إنكم ستأتون غداً إن شاء الله تعالى عين تبوك، فمن جاءها فلا يمس شيئاً من مائها حتى آتي»، فسبق رجلان من المنافقين إليها، والعين تبض بشيء من ماء، فسألهما رسول الله ÷: «هل مسستما من مائها شيئاً؟»، فقالا: نعم، فسبَّهما وقال لهما ما شاء الله أن يقول، ثم غرفوا من العين بأيديهم قليلاً قليلاً حتى اجتمع في إناء، ثم غسل به⁣(⁣٢) وجهه ويديه، ثم أعاده فيها، فجاشت العين بماء كثير، فاستقى الناس، ثم قال ÷: «توشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ماءها قد ملأ جناناً⁣(⁣٣)»)، ولما انتهى ÷ إلى تبوك ولم يجد شيئاً مما كان بلغه عن الروم، فرجع إلى المدينة، وكان في هذه الغزوة ظهور آيات باهرات، وكرامات لرسول الله ÷(⁣٤).

[سرية خالد بن الوليد إلى أكيدر من دومة الجندل]⁣(⁣٥)

  وبعث رسول الله ÷ خالد بن الوليد إلى أكيدر من دومة الجندل من تبوك في أربعمائة وعشرين فارساً، وكان أكيدر من ملوك كندة، وكان نصرانياً، وقال رسول الله ÷ لخالد: «إنك تجده يصيد البقر فأتوا به، وإن أبى فاقتلوه»، فسار خالد حتى إذا كان بمرأى العين من حصن أكيدر في ليلة مقمرة، وهو على سطح له ومعه امرأته، أقبلت بقر الوحش تحك بقرونها باب الحصن، فأشرفت امرأته فرأت البقر،


(١) لم يرم: لم يبرح.

(٢) به، سقط من (ب).

(٣) أخرجه مسلم ١٥/ ٣٨ برقم (٧٠٦) في كتاب الفضائل الباب (٣) في معجزات النبي ÷ بسنده عن معاذ.

(٤) ذكر ذلك كاملاً ابن بهران في ابتسام البرق - خ -، والمؤلف ناقل عنه.

(٥) ابتسام البرق - خ -، والسيرة النبوية لابن هشام ٤/ ١١٢ - ١١٣، وسيرة المصطفى ٦٣٥.