[سرية خالد بن الوليد إلى أكيدر من دومة الجندل]
  فقالت: ما رأيت كالليلة، من يترك مثل هذا؟ فقال: لا أحد، قال أكيدر بعد ذلك: والله ما جاءتنا البقر قط غير تلك الليلة، ولقد كنت أضمر لها(١) الخيل شهراً أو أكثر، فأمر بفرسه فأسرج وألجم، وركب معه أخوه حسان، ونفر من أهل بيته، فخرجوا من الحصن، وعلت(٢) عليهم خيل المسلمين، فأسر أكيدر، وقتل أخوه حسان، وأخذ خالد سلبه، فبعث به إلى رسول الله ÷، ثم صالح الأكيدر على ألفي بعير وأربعمائة درع، وأربعمائة رمح، على أن ينطلق به وبأخيه يعلى إلى رسول الله ÷ فيحكم فيهما بحكمه، فقدم خالد بهما على رسول الله ÷، فصالحهما رسول الله ÷ على الجزية، وكتب لهما كتاباً.
  وصالح رسول الله ÷ في هذه الغزوة أهل تيماء، وأيلة، وجرباء(٣)، ومغنى(٤) على الجزية، وكتب لهم(٥) كتاباً يشتمل على شروط لهم وعليهم(٦).
  قال الحجوري: وفي هذه الغزاة همَّ عدة(٧) من المنافقين باغتياله ÷ ليلاً وإلقائه في الثنية، وهم المعروفون بأصحاب العقبة، وحال الله بينهم وبين ما أرادوا(٨).
  وكانت غزوة تبوك آخر غزوة غزاها رسول الله ÷ بنفسه، وجاءه ÷ نفر من سعد هذيم، وقالوا: يا رسول الله، إنَّا قدمنا، وتركنا أهلنا على بئر لنا، قليل ماؤها، فادع الله لنا في مائها، فقال ÷: «ابغوني حصيات»، فدفعوا إليه(٩) ثلاث حصيات،
(١) في (ب): بها، ولفظ العبارة من أولها في ابتسام البرق: ولقد كنت أضمر لها الخيل إذا أردت أخذها شهراً فأكثر.
(٢) في ابتسام البرق: وحملت.
(٣) الجرباء: قرية تابعة لعمان. (هامش في سيرة المصطفى ٦٣٤).
(٤) في ابتسام البرق: وبقي.
(٥) لهم، سقط من (ب).
(٦) ابتسام البرق - خ -، وانظر سيرة ابن هشام ٤/ ١١١.
(٧) ذكر عدتهم الزمخشري في (الكشاف) وأنهم خمسة عشر، وذلك في تفسير قوله تعالى: {وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا} من سورة التوبة.
(٨) انظر الخبر في الكشاف ٢/ ٢٧٧ - ٢٧٨.
(٩) إليه، زيادة من (ب).