سرية أسامة بن زيد إلى بني وازدروز
  المدينة مغتسلاً، متدهناً، مترجلاً في ثوبين: إزار، ورداء، وذلك يوم السبت المذكور، فصلى الظهر بذي الحليفة في مسجدها، وهو يسمى مسجد الشجرة، وقد خرب، وبه البئر التي تسميها العوام: بئر علي، نسبة إلى علي بن أبي طالب، لظنهم أنه قاتل الجن بها وهو كذب، كذا في (تشويق الساجد)، قلت: هذا لفظ (الخميس)، قال: وعن أنس: صلينا مع النبي ÷ الظهر بالمدينة أربعاً، والعصر بذي الحليفة ركعتين(١)، انتهى.
  وكان أول ذي الحجة الخميس، وكان دخوله ÷ مكة صبح رابعه، (أي: رابع ذي الحجة) كما ثبت في حديث عائشة، وذلك يوم الأحد، وخرج معه # تسعون(٢) ألفاً، ويقال: مائة ألف وأربعة عشر ألفاً، ويقال: أكثر، حكاه البيهقي(٣).
  وكانت الوقفة يوم الجمعة، وأخرج رسول الله ÷ معه نساءه كلهنَّ في الهوادج، وأشعر هديه وقلده، وعن جابر بن عبد الله: فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله ÷ كيف أصنع؟، قال: «اغتسلي واستثفري وأحرمي»(٤)، وصلى رسول الله ÷ في مسجد ذي الحليفة ركعتين، ثم ركب القصواء، حتى إذا استوت به على البيداء، كان قدامه إلى مد البصر الناس من راكب وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، فأهلَّ بالتوحيد: «لبيك اللهم لبيك، لبيك(٥) لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك
(١) انظر حديث أنس في الاعتصام للإمام القاسم بن محمد # ٢/ ٧٤.
(٢) في (ب): سبعون ألفاً.
(٣) هو أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، أبو بكر [٣٨٤ - ٤٥٨ هـ] من أئمة الحديث، ولد في خسروجرد من قرى بيهق بنيسابور، ونشأ في بيهق، ورحل إلى بغداد ثم إلى الكوفة ومكة وغيرهما، وطلب إلى نيسابور، فلم يزل فيها إلى أن مات، له تصانيف كثيرة منها: السنن الكبرى، والسنن الصغرى، ودلائل النبوة وغيرها. (انظر الأعلام ١/ ١١٦).
(٤) رواه الإمام أحمد بن سليمان # في أصول الأحكام ١/ ١٣١ برقم (١٨٥) عن جابر بن عبد الله، وص ٥١٨ برقم (١٣٢١) عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله.
(٥) لبيك، زيادة من (ب).