سرية أسامة بن زيد إلى بني وازدروز
  {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣] الآية، قال جابر: فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس، وأردف أسامة خلفه، ودفع وقد شنق للقصواء الزمام؛ حتى إن رأسها ليصيب مَوْرِك الرَّحل(١)، ويقول بيده اليمنى(٢): «أيها الناس، السكينة السكينة» حتى أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين، ولم يسبح(٣) بينهما شيئاً، ثم اضطجع حتى طلع الفجر، فصلى الفجر حين(٤) تبين له الصبح، وركب القصواء، حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، ودعا الله وكبره، وهلله ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جدّا، فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس(٥) وكان رجلاً حسن الشعر أبيض وسيماً، الخبر، حتى أتى وادي محسر فحرك قليلاً.
  قال: عن الطبري، وابن خليل: سمي محسر؛ لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه.
  قال: وأهل مكة يسمونه: وادي النار، زعموا أن رجلاً اصطاد فيه غزالة، فنزلت نار فأحرقته، والله أعلم.
  قال: وليس وادي محسر من مزدلفة ولا من مِنى، وهو مسيل ما بينهما، قال جابر: ثم سلك الطريق الوسطى الذي(٦) يخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات مثل حصى الخذف(٧)، وكبر مع كل حصاة منها من بطن
= يسلكونها في الرمل، وقيل: أراد وصفهم ومجتمعهم في مشيهم تشبيهاً بحبل الرمل. انتهى منها. قال: وروي بالجيم وفتح الباء ومعناه: طريق المشاة وحيث سلك الرجالة، والأول أشبه بالحديث. انتهى من بدر التمام.
(١) مَوْرِك الرَّحْل: الموضع الذي يجعل عليه الراكب رجله. (القاموس المحيط ص ١٢٣٥).
(٢) اليمني، سقط من (ب).
(٣) أي لم يصل بينهما.
(٤) في (ب): حتى.
(٥) في (ب): العباس.
(٦) في (ب): التي تخرج.
(٧) الخذف: رميك بحصاة أو نواة أو نحوهما، تأخذ بين سبابتيك تخذف به، (القاموس المحيط ص ١٠٣٧).