فصل في وفاته ÷
  ولما حضر رسول الله ÷ وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال النبي ÷: «هلم، أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده»، قال عمر: وفي رواية: قال بعضهم: رسول الله قد غلب عليه الوجع فهو يهجر، وعندكم القرآن، حسبكم(١) كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله كتاباً، ومنهم من يقول ما قال(٢) عمر، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغط والاختلاف، قال رسول الله ÷: «قوموا عني»(٣).
  وروي في الصحيحين، عن ابن عباس، أنه كان يقول: يوم الخميس، وما يوم الخميس! ثم بكى حتى بلَّ دمعه الحصباء، قلنا: يا ابن عباس، وما يوم الخميس؟، قال: اشتد برسول الله الوجع، فقال: «ائتوني بكتاب أكتبه لكم، لا تضلوا من(٤) بعدي أبداً» فتنازعوا، قال: وعصوا(٥)، ثم أمر بثلاثة أشياء، فقال: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم»، وسُئِلَ ابن عباس عن الثالثة؟ فقال: إما أن لا يكون تكلم بها، وإما أن يكون قالها ونسيت، رواه ابن أبي الحديد(٦).
  وكان ابن عباس ¥ يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ÷ وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب(٧).
  قال ابن أبي الحديد: وتزعم الشيعة أن رسول الله ÷ كان يعلم موته، وأنه سيَّر
(١) في (ب): وحسبكم.
(٢) في (ب): ما قاله.
(٣) ابتسام البرق - خ -.
(٤) من، زيادة من (ب).
(٥) في (ب): فغضُّوا.
(٦) شرح نهج البلاغة ١٣/ ٣٠ - ٣١ باختلاف، وعزاه إلى تأريخ الطبري، وأورد طرفاً من خبر ابن عباس ابن بهران في ابتسام البرق - خ - وعزاه إلى البخاري ومسلم.
(٧) ابتسام البرق - خ -، وهو في سيرة المصطفى ص ٦٩٥، وعزاه إلى البخاري.