فصل في وفاته ÷
  أبا بكر وعمر في بعث أسامة لتخلو دار الهجرة منهما، فيصفو الأمر لعلي #، ويبايعه من تخلف من المسلمين بالمدينة على سكون وطمأنينة، فإذا جاءهما الخبر بموت رسول الله ÷ وبيعة الناس لعلي # كانا عن(١) المنازعة والخلاف أبعد، لأن العرب كانت تلزم(٢) بإتمام تلك البيعة، ويحتاج في نقضها إلى حروب شديدة، فلم يتم له ما قُدّر، حتى مات ÷ وهما بالمدينة، فسبقا إلى(٣) البيعة، وجرى ما جرى(٤).
  قال: وهذا عندي غير منقدح؛ لأنه إن كان ÷ يعلم موته، فهو أيضاً يعلم أن أبا بكر سيلي، وما يعلمه لا يحترس منه.
  قال: وإنما يتم هذا ويصح إذا فرضنا أنه # كان يظن موته ولا يعلمه حقيقة، ويظن أن أبا بكر وعمر يتماليان(٥) على ابن عمه، ويخاف وقوع ذلك منهما ولا يعلمه حقيقة، فيجوز إن كانت الحال هكذا أن ينقدح هذا التوهم(٦). انتهى.
  قلت: ولقائل أن يقول: يجوز ذلك ويصح، وإن علم النبي ÷ الأمرين معاً(٧)، كما يأمر ÷ من قد أعلمه الله أنه لا يؤمن بالإيمان توكيداً للحجة عليه، وإبلاغاً في البلاغ، وإزاحة للعلل، وكما اختفى ÷ في الغار وقد أعلمه الله أن المشركين لا يصلون إليه ونحو ذلك، وتحقيقه أنه لم يفعله ÷ احترازاً مما قد علم أنه يقع(٨) أن لا يقع، بل لإظهار
(١) في (ب): من.
(٢) في شرح النهج: تلتزم.
(٣) في (ب): بالبيعة.
(٤) شرح نهج البلاغة ١/ ١٦١.
(٥) في شرح النهج: يتمالآن.
(٦) شرح النهج ١/ ١٦١.
(٧) في (ب): جميعاً.
(٨) في (ب): أنه سيقع.