السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

فصل في وفاته ÷

صفحة 270 - الجزء 1

  أبا بكر وعمر في بعث أسامة لتخلو دار الهجرة منهما، فيصفو الأمر لعلي #، ويبايعه من تخلف من المسلمين بالمدينة على سكون وطمأنينة، فإذا جاءهما الخبر بموت رسول الله ÷ وبيعة الناس لعلي # كانا عن⁣(⁣١) المنازعة والخلاف أبعد، لأن العرب كانت تلزم⁣(⁣٢) بإتمام تلك البيعة، ويحتاج في نقضها إلى حروب شديدة، فلم يتم له ما قُدّر، حتى مات ÷ وهما بالمدينة، فسبقا إلى⁣(⁣٣) البيعة، وجرى ما جرى⁣(⁣٤).

  قال: وهذا عندي غير منقدح؛ لأنه إن كان ÷ يعلم موته، فهو أيضاً يعلم أن أبا بكر سيلي، وما يعلمه لا يحترس منه.

  قال: وإنما يتم هذا ويصح إذا فرضنا أنه # كان يظن موته ولا يعلمه حقيقة، ويظن أن أبا بكر وعمر يتماليان⁣(⁣٥) على ابن عمه، ويخاف وقوع ذلك منهما ولا يعلمه حقيقة، فيجوز إن كانت الحال هكذا أن ينقدح هذا التوهم⁣(⁣٦). انتهى.

  قلت: ولقائل أن يقول: يجوز ذلك ويصح، وإن علم النبي ÷ الأمرين معاً⁣(⁣٧)، كما يأمر ÷ من قد أعلمه الله أنه لا يؤمن بالإيمان توكيداً للحجة عليه، وإبلاغاً في البلاغ، وإزاحة للعلل، وكما اختفى ÷ في الغار وقد أعلمه الله أن المشركين لا يصلون إليه ونحو ذلك، وتحقيقه أنه لم يفعله ÷ احترازاً مما قد علم أنه يقع⁣(⁣٨) أن لا يقع، بل لإظهار


(١) في (ب): من.

(٢) في شرح النهج: تلتزم.

(٣) في (ب): بالبيعة.

(٤) شرح نهج البلاغة ١/ ١٦١.

(٥) في شرح النهج: يتمالآن.

(٦) شرح النهج ١/ ١٦١.

(٧) في (ب): جميعاً.

(٨) في (ب): أنه سيقع.