السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

الهجرة الكبرى

صفحة 63 - الجزء 1

  ولما خرج رسول الله ÷ أتى أبا بكر وأعلمه أنه يريد الهجرة، وقد روي أنه أتى أبا بكر بالهاجرة، وأمره بالخروج من غد، وأعلمه أن الله قد أذن له في الخروج، فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله، قال: «الصحبة». فبكى من الفرح، فاستأجر عبد الله بن أريقط الليثي ليدلهما على الطريق، وخرجا من خوخة⁣(⁣١) من دار أبي بكر، ومضيا إلى غار في جبل ثور⁣(⁣٢)، فلم يصعدا الغار حتى قطرت قدما رسول الله ÷ دماً؛ لأنه لم يتعود الحفية ولا الرعية ولا السفر، وعادت قدما أبي بكر كأنهما صفوان⁣(⁣٣)، وعمَّى الله تعالى على قريش خبرهما فلم يدروا أين ذهبا، وكان عامر بن فهيرة يريح عليهما غنيمة، وكانت أسماء بنت أبي بكر تحمل لهما الزاد إلى الغار⁣(⁣٤).

  وقال في (الروضة): كان علي # يأتيهما بالطعام والشراب، ولما سكن الطلب استأجر ثلاث رواحل للنبي ÷، ولأبي بكر، ومولاه عامر بن فهيرة، ولدليلهم عبد الله بن الأريقط الليثي. انتهى.

  ومثله في (أنوار اليقين)⁣(⁣٥) بإسناده عن أبي رافع، وفي (المصابيح)⁣(⁣٦) لأبي العباس


(١) في (ب): جوفة، وهو تحريف، والخوخة: كوة في الجدار تؤدي الضوء.

(٢) ثور: اسم جبل بمكة.

(٣) الصفوان: الحجر الأملس.

(٤) عن أمر الهجرة الكبرى انظر سيرة ابن هشام ٢/ ٩٨ وما بعدها، والمصابيح لأبي العباس الحسني ص ٢٢٥ - ٢٣١، ومروج الذهب ٢/ ٢٨٥ - ٢٨٦، وتأريخ الطبري ٢/ ٩٨ - ١٠٧، وأنوار التمام في تتمة الاعتصام للعلامة أحمد بن يوسف زبارة ٥/ ٣٦١ - ٣٦٤، والسفينة للحاكم الجشمي - خ - ج ٢، وابتسام البرق لابن بهران - خ -.

(٥) أنوار اليقين خ ١/ ٧٦، وكتاب (أنوار اليقين) هو في إثبات إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # لمؤلفه الإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدين محمد بن يحيى الهدوي [٦١٦ - ٦٧٠ هـ] إمام، عالم، مجتهد، مجاهد، من أعلام الفكر الإسلامي، برع في جميع الفنون، وفاق الأقران، قام بأمر الإمامة سنة ٦٥٧ هـ، وكانت دعوته بهجرة رغافة في جهات صعدة، وبايعه أكابر علماء عصره، وله مؤلفات منها =