سورة المائدة
  أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ١٠٨ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ
  على ما كتم الشاهدان بسبب معاينة المعاملة سابقاً قبل ضرب الأرض أو سماع الإقرار سابقاً من الميت أو من غرمائه، أو بسبب إقرار الشاهدين من بعد الشهادة على ما كتما، أو بسبب من حضر عند الوصية من المسلمين ولم يكونا باسم متحملين للشهادة، أو حضرا في مرض الموصي قبل أن يوصي وسمعا منه ما يناقض شهادة الشاهدين ويبين ما كتما، هذا الظاهر عندي، ولا يجب تنزيل الآية على قصة تميم الداري.
  (١٠٨) {ذَلِكَ} الذي أمر الله به في الآيتين {أَدْنَى} أقرب {أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا} أن يأتوا الأولان والآخران، فالأولان بتحليفهما قبل الشهادة بعد الصلاة، والآخران بقسمهما: {لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا ...} إلخ، والكل من الأولين والآخرين لخوف الفضيحة بورود أيمان تكشف كتمانهم.
  {أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ} أي أدنى أن يخافوا {أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ} يؤتى بها بعد غيابها عن موقف الشاهدين فتكشف كتمانهما، وهذا الخوف يصلح للأولين والآخرين؛ ولذلك قال تعالى: {أَوْ يَخَافُوا} بالجمع.
  فإن قيل: فلماذا قيل: {أَوْ يَخَافُوا} ولم يؤتَ بـ (الواو) مكان (أو)؟
  قلت: إذا أتوا بالشهادة على وجهها لأجل ما ذكر كله فهو المراد، وقد تضمن ذلك الخوفَ المؤدي إلى أداء الشهادة على وجهها، وإنما جيئ بـ (أو) لأجل حالة الكتمان أو التغيير؛ لأنه جعل مقابل أداء الشهادة على وجهها الخوف من انكشاف الكتمان أو التغيير، وفائدة ذلك: أنه إذا خان مع خوفه أن يفتضح كان مستحقاً للفضيحة أكثر من غيره؛ لأنه قد تعرض لها عمداً.