سورة الأنعام
  السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ١٣ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ١٤ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ
  (١٣) {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} وهذا يعم الأرض كلها، والآية الماضية تشمل ما في الأرض وما في السموات، ويحتمل: أن الليل والنهار يكونان شاملين للسموات والأرض - والله علم.
  وقوله تعالى: {مَا سَكَنَ} إما من السكنى، فيكون التعبير به لفائدة الليل والنهار لما اشتملا عليه لنفع الشمس فيما تظهر عليه، ثم نفع الليل فيما يأتي عليه بعد الشمس، فكانا للجماد وغيره بمنزلة المسكن الذي ينتفع به ساكنوه، وإما من السكون وهو بعيد؛ لأن الراجح: أن الأرض تتحرك جملتها بما فيها وإن كان أهلها لا يحسّون حركتها.
  {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} فهو الحقيق بالعبادة؛ لأنه رب كل شيء، ولأنه الذي يسمع الداعي ويعلم عبادة من عبده، وهو الذي إليه يرجع العباد في الآخرة لأنه ربهم وحده {وَهُوَ السَّمِيعُ} لأقوالهم {الْعَلِيمُ} بهم وبأعمالهم {لاَ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى}[طه: ٥٢] وكل من في السموات والأرض عباده ليس لهم من الأمر شيء، وهو جامع عبادَه يوم القيامة {لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}[طه: ١٥] لأنه ربهم فما في الآيتين دال على هذه المعاني كلها.
  (١٤) {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} {وَلِيًّا} يتولى أموري ويرعاني ويدبر مصالحي ويدفع عني، ولا يكون هكذا إلا الله العالم بأحوالي، القادر على إصلاح أمري، السميع لدعائي، فأما غيره فإنه يجهل ويعجز ويبخل، فكيف أتخذ غير الله ولياً؟!