التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأنعام

صفحة 423 - الجزء 2

  الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ١٩


  (١٨) {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} قال الراغب في تفسير (المفردات): «القهر: الغلبة والتذليل معاً، ويستعمل في كل واحد منهما» انتهى، وفي (الصحاح): «قهره قهراً: غلبه، وفيه: وقُهِر غُلِب» انتهى.

  {فَوْقَ عِبَادِهِ} لأنه مالكهم ومالك قواهم، وله الملك عليهم وعلى كل المخلوقات، وهو المحيط بقدرته وعلمه على كل قدرة وعلى كل معلوم، فقهره لعباده من حيث أنه فوقهم بملكه وملكوته {وَهُوَ الْحَكِيمُ} في قهره فلا يظلم ولا يقهر قهراً يعارض مقتضى الحكمة {الْخَبِيرُ} فلا يغلط في قهره، بل قهره مطابق لمقتضى علمه ببواطن الأمور وحقائق الأشياء وبمقتضى الحكمة.

  (١٩) {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} {قُلْ} يا محمد للمشركين المكذبين {أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} أي شيء أصدق وأحق وأنفع شهادة؟!

  وجواب هذا السؤال، وهو أن الله {أَكْبَرُ شَهَادَةً} جواب لا ينازِع فيه خصومهُ الذين بلغهم آيات الله الدالة على صدقه وصدق إنذاره وصدق كل ما بلغهم عن الله، فالله شهيد لَه بإقامة الحجة عليهم، وقيامه بواجبه، وشهيد عليهم بالتمرد بعد بيان الحق من الله ربهم {قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} فراقبوه واتركوا الشرك والتكذيب وآمنوا.

  {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} {لِأُنْذِرَكُمْ} بما في القرآن من كلام الله ووعيده فاحذروا ما أُنْذِرْتُم، ولأنذر به من بلغه من العالمين، كقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}⁣[الفرقان: ١].