سورة الأنعام
  الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٢٠ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ
  {أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ} {أَئِنَّكُمْ} سؤال توبيخ على هذه الشهادة الكاذبة الآثمة {قُلْ لَا أَشْهَدُ} كما تشهدون.
  {قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} {قُلْ إِنَّمَا} الإله {إِلَهٌ وَاحِدٌ} هو الله، أما غيره فليس بإله {وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا} تشركونه في الإلهية أنفي إلاهيتهم، وأبرأ من عبادتهم، ولا صلة بيني وبينهم، بل هم عدو لي.
  (٢٠) {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ} {يَعْرِفُونَهُ} يعرفون (القرآن) أنه من الله أوحاه إلي، أو يعرفون أنه أوحي إلي هذا القرآن {كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ} تحقيق للمعرفة التي في قلوبهم.
  قال الشرفي في (المصابيح): «قال المرتضى #: الذين أوتوا الكتاب فهم اليهود والنصارى، وهم يعرفون محمداً ÷، ويثبتون صفته، ويقفون على صحة أمره وما أمروا به من طاعته كما يعرفون أبنائهم مشروحٌ ذلك في كتبهم مبيَّنٌ لهم، ولكن جحدوا ما عرفوا، وأنكروا ما علموا فضلوا وخسروا، ذلك هو الخسران المبين» انتهى.
  قلت: عبر عنهم سبحانه وتعالى بقوله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} لأن الكتاب الذي آتاهم الله ﷻ هو سبب معرفتهم للرسول وما أنزل إليه أنه من الله تعالى، ويظهر أن القرآن يجعل القرآن والرسول كالشيء الواحد؛ لأن الإيمان بأن القرآن أوحاه الله إلى محمد يستلزم الإيمان بأن محمداً رسول الله، ولعله هو السر في قوله تعالى: {قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ}[الطلاق: ١٠ - ١١].